و سمّيته «الدّلائل البرهانيّة في تصحيح الحضرة الغرويّة» على ساكنها الصّلاة و
السّلام، و قد رتّبت الكتاب على مقدّمتين و خمسة عشر بابا.
أما المقدمة الاولى
ففي الدليل على أنه عليه السّلام في الغري حسب ما يوجبه النظر.
الّذي يدلّ على ذلك اطباق المنتمين إلى ولاء أهل البيت عليهم السّلام
و يروون ذلك خلفا عن سلف و هم ممّن يستحيل حصرهم أو يتطرّق عليهم المواطأة، و هذه
قضيّة التّواتر المفيد للعلم، و أنّ ذلك ثبت عندهم حسب ما دلّهم عليه الأئمّة
الطّاهرون الّذين هم العمدة في الأحكام الشّرعيّة و الأمور الدّينيّة، و مهما قال
مخالفنا في هذه المقالة من ثبوت معجزات النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم و
أنّها معلومة فهو جوابنا في هذا الموضع حذو النّعل بالنّعل و القذّة بالقذّة.
و لا يقال: لو كان الأمر كما تقولون لحصل العلم لنا كما حصل لكم.
لأنا نقول: لا خلاف بيننا و بينكم أنّه عليه السّلام دفن سرّا و
حينئذ أهل بيته أعلم بسرّه من غيرهم، و التّواتر الّذي حصل لنا منهم و ممّا دلّوا
عليه و أشاروا ببنان- البيان إليه، و لو كان الأمر كما يزعم مخالفنا لتطرّق إليهم
اللّوم من وجه آخر و ذلك أنّه إذا كان عنده أنّه عليه السّلام مدفون في قصر
الامارة، أو في رحبة مسجد الكوفة، أو في البقيع، أو في كوخ زادوه[1] كان يتعيّن أن يزوره فيها أو في واحد منها، و من المعلوم أنّ هذه
الأقاويل ليست لواحد فكان كلّ قائل بواحد منها يزوره من ذلك الموضع كما يزور
معروفا الكرخيّ و الجنيد و سريّا السّقطيّ و الشّبليّ، و أيضا لا شكّ أنّ عترته و
شيعته متّفقون مجمعون على أنّ هذا الموضع قبره عليه السّلام لا يرتابون فيه أصلا،
و يرون عنده آثارا تدلّ على صدق قولهم و هي كالحجّة على المنكر.
[1]كذا في الأصل لكن في فرحة الغري من طبعة
النجف: «بكرخ اروه» و في طبعة تبريز: «بكرخ زاروه» و في
ذيل طبعة النجف: «كذا بالأصل و لعله [بكرخ الراذان) أو «بجوخ الراذان» كما
يأتى في الكتاب» و سيأتي صورة اخرى للفظة نقلا عن المنتظم لابن الجوزي.