قال: كيف تخالفه؟ و اللَّه ما أخبرني إلّا عن النّبيّ صلّى اللَّه
عليه و آله عن جبرئيل عن اللَّه، و لقد عرفت الموضع الّذي أصلب فيه، و أنّى أوّل
خلق اللَّه ألجم في الإسلام، فحبسه و حبس معه المختار بن أبي عبيد، فقال ميثم
للمختار: إنّك ستفلت و تخرج ثائرا بدم الحسين فتقتل هذا الّذي يريد أن يقتلك،
فلمّا أراد عبيد اللَّه أن يقتل المختار وصل بريد من يزيد يأمره بتخلية سبيله
فخلّاه، و أمر بميثم أن يصلب فلمّا رفع على الخشبة عند باب عمرو بن حريث قال عمرو:
قد كان و اللَّه يقول لي: إنّي مجاورك، فجعل ميثم يحدّث بفضائل بني هاشم، فقيل
لابن زياد: قد فضحكم هذا العبد، قال: ألجموه فكان أوّل من ألجم في الإسلام، فلمّا
كان اليوم الثّالث من صلبه طعن بالحربة فكبّر، ثمّ انبعث في آخر النّهار فمه و
أنفه دما، و كان ذلك قبل مقدم الحسين العراق بعشرة أيّام».
و قال ابن أبى الحديد في شرح النهج (ج 1، ص 210)
و روى إبراهيم في كتاب الغارات عن أحمد بن الحسن الميثميّ قال:كان ميثم التّمّار
مولى عليّ بن أبي طالب عليه السّلام عبدا لامرأة من بنى أسد فاشتراه عليّ عليه
السّلام منها و أعتقه و قال له: ما اسمك؟ فقال: سالم. فقال: إنّ رسول اللَّه صلّى
اللَّه عليه و آله أخبرني أنّ اسمك الّذي سمّاك به أبوك في العجم ميثم، فقال: صدق
اللَّه و رسوله و صدقت يا أمير المؤمنين فهو و اللَّه اسمي. قال: فارجع إلى اسمك و
دع سالما فنحن نكنّيك به فكنّاه أبا سالم.
قال: و قد كان أطلعه عليّ عليه السّلام على علم كثير و أسرار خفيّة
من أسرار الوصيّة فكان ميثم يحدّث ببعض ذلك فيشكّ فيه قوم من أهل الكوفة و ينسبون
عليّا عليه السّلام في ذلك إلى المخرفة و الإيهام و التّدليس حتّى قال له يوما
بمحضر من خلق كثير من أصحابه و فيهم الشّاكّ و المخلص: يا ميثم انّك تؤخذ بعدي و
تصلب فإذا كان اليوم الثّاني ابتدر منخراك و فمك دما حتّى يخضب لحيتك فإذا كان
اليوم الثّالث طعنت بحربة يقضى عليك فانتظر ذلك، و الموضع الّذي تصلب فيه على باب
دار عمرو بن حريث انّك لعاشر عشرة أنت أقصرهم خشبة و أقربهم من