و قال غيره: بل وضعه حيّا في جيفة حمار و أحرقه بالنّار. و كان سبب
ذلك دعوة أخته عائشة عليه لمّا أدخل يده في هودجها يوم وقعة الجمل و هي لا تعرفه
فظنّته أجنبيّا فقالت: من هذا الّذي يتعرّض لحرم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و
آله و سلّم؟ أحرقه اللَّه بالنّار، فقال: يا أختاه قولي: بنار الدّنيا، فقالت:
بنار الدّنيا، و قد تقدّم هذا في باب- الجيم في الكلام على لفظ الجمل و دفن في
الموضع الّذي قتل فيه، فلمّا كان بعد سنة من دفنه أتى غلامه و حفر قبره فلم يجد
فيه سوى الرّأس؛ فأخرجه و دفنه في المسجد تحت المنارة، و يقال: انّ الرّأس في
القبلة.
قال: و كانت عائشة قد أنفذت أخاها عبد الرّحمن إلى عمرو بن العاص في
شأن محمّد فاعتذر بأنّ الأمر لمعاوية بن حديج و لمّا قتل و وصل خبره إلى المدينة
مع مولاه سالم و معه قميصه و دخل به داره اجتمع رجال و نساء فأمرت أمّ حبيبة بنت
أبي سفيان زوج النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم بكبش فشوي و بعثت به إلى
عائشة و قالت: هكذا قد شوي أخوك فلم تأكل عائشة بعد ذلك شواء حتّى ماتت، و قالت
هند بنت شمر الحضرميّة:
رأيت نائلة امرأة عثمان بن عفّان تقبّل رجل معاوية بن حديج و تقول:
بك أدركت ثأري، و لمّا سمعت أمّه أسماء بنت عميس بقتله كظمت الغيظ حتّى شخبت
ثدياها دما.
و وجد عليه عليّ بن أبي طالب عليه السّلام وجدا عظيما
و قال:كان لي ربيبا و كنت أعدّه ولدا و لبنيّ أخا،.
و ذلك لأنّ عليّا عليه السّلام قد تزوّج امّه أسماء بنت عميس بعد
وفاة الصّدّيق و ربّاه كما تقدّم».
و قال ابن عبد البر في الاستيعاب ضمن ترجمة محمد بن أبي بكر:
«كان في حجر عليّ بن أبي طالب- رضى اللَّه عنه- إذ تزوّج امّه أسماء- بنت
عميس و كان على الرّجّالة يوم الجمل و شهد معه صفّين ثمّ ولّاه مصر فقتل بها، قتله
معاوية بن حديج صبرا، و ذلك في سنة ثمان و ثلاثين.
و من خبره أنّ عليّ بن أبي طالب- رضي اللَّه عنه- ولّى في هذه السّنة
مالك ابن الحارث الأشتر النّخعيّ مصر فمات بالقلزم قبل أن يصل إليها؛ سمّ في زبد