قاتلناهم و هم مؤمنون فقد ركبنا حوبا كبيرا، و إن كنّا قاتلناهم
كفّارا و ظهرنا عليهم عنوة فقد حلّت لنا غنيمة أموالهم و سبي ذراريهم، و ذلك حكم
اللَّه و حكم نبيّه في الكفّار إذا ظهر عليهم،
فقال عليّ:إنّه لا حاجة بكم أن تهيجوا حرب إخوانكم، و سأرسل إلى رجل منهم
فانّه سيطلع رأيهم و حجّتهم فيما قلتم، فأرسل إلى الأحنف في رهط فأخبرهم بما قال
أهل الكوفة، فلم ينطق أحد غير الأحنف فانّه قال: يا أمير المؤمنين لما ذا أرسلت
إلينا؟ فو اللَّه إنّ الجواب عنّا لعندك، و لا- نتّبع الحقّ إلّا بك، و لا علمنا
العلم إلّا منك، فقال: أحببت أن يكون الجواب عنكم منكم، ليكون أثبت للحجّة، و أقطع
للتّهمة؛ فقل، فقال: إنّهم قد أخطأوا و خالفوا كتاب اللَّه و سنّة نبيّهم صلّى
اللَّه عليه و آله و سلّم، إنّما كان السّبي و الغنيمة على الكفّار الّذين دارهم
دار كفر، و الكفر لهم جامع و لذراريهم؛ و لسنا كذلك، و انّما دارنا دار- ايمان
ينادى فيها بالتّوحيد و شهادة الحقّ و اقام الصّلاة، و إنّما بغت طائفة أسماؤهم
معلومة أسماء أهل البغي، و الثّانية حجّتنا أنّا لم نستجمع على ذلك البغي فانّه قد
كان من أنصارك من أثبتهم بصيرة في حقّك، و أعظمهم غناء عنك طائفة من أهل- البصرة
فأتي أولئك يجهل حقّه و نسي قرابته، انّ هذا الّذي أتاك به الأشتر و أصحابه قول
متعلّمة أهل الكوفة، و أيم اللَّه لئن تعرّضوا لها لنكرهنّ عاقبتها، و لا تكون
الآخرة كالأولى، فقال عليّ: ما قلت إلّا ما نعرف، فهل من شيء تخصّون به إخوانكم
بما قاسوا من الحرب؟ قال: نعم أعطياتنا في بيت المال و لم نكن لنصرفها في عذلك
عنّا، فقد صنّا عنها أنفسنا في هذا العام فاقسمها فيهم، فدعاهم عليّ فأخبرهم بحجج
القوم و بما قالوا و بموافقتهم إيّاه ثمّ قسم المال بينهم خمسمائة لكل رجل،.
فهذا اليوم الثّاني من أيّام الأحنف (إلى آخر ترجمته المبسوطة جدّا؛
انظر ص 10- 24)».
و قال المحدث القمي (رحمه الله) في سفينة البحار:
«الأحنف بن قيس كنيته أبو بحر و اسمه الضّحّاك من أعاظم أهل البصرة أحد
السّادات الطّلس و هم الأحنف و ابن الزّبير و قيس بن سعد و شريح القاضي، و هو
الّذي يضرب به المثل في الحلم و يقال: أحلم من الأحنف، و له في ذلك أخبار