الشّام قال: كان محمّد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة مع عليّ بن أبي
طالب عليه السّلام و من أنصاره و أشياعه، و كان ابن خال معاوية و كان رجلا من خيار
المسلمين فلمّا توفّي عليّ عليه السّلام أخذه معاوية و أراد قتله فحبسه في السّجن
دهرا ثم قال معاوية ذات يوم: ألا نرسل إلى هذا السّفيه محمّد بن أبي حذيفة فنبكته
و نخبره بضلالته و نأمره أن يقوم فيسبّ عليّا عليه السّلام؟ قالوا: نعم. قال: فبعث
إليه معاوية و أخرجه من السّجن فقال له معاوية: يا محمّد بن [أبي] حذيفة أ لم يأن
لك أن تبصّر ما كنت عليه من الضّلالة بنصرتك عليّ بن أبي طالب الكذّاب؟ أ لم تعلم
أنّ عثمان قتل مظلوما، و أنّ عائشة و طلحة و الزّبير خرجوا يطلبون بدمه، و أنّ
عليّا هو الّذي دسّ في قتله و نحن اليوم نطلب بدمه؟ قال محمّد بن أبي حذيفة: انّك
لتعلم أنّي أمسّ القوم بك رحما و أعرفهم بك؟ قال: أجل. قال فو اللَّه الّذي لا إله
غيره ما أعلم أحدا شرك في دم عثمان و ألّب النّاس عليه غيرك لما استعملك و من كان
مثلك فسأله المهاجرون و الأنصار أن يعزلك فأبى ففعلوا به ما بلغك؛ و و اللَّه ما
أحد اشترك في قتله بدءا و أخيرا إلّا طلحة و الزّبير و عائشة فهم الّذين شهدوا
عليه بالعظيمة و ألّبوا عليه النّاس و شركهم في ذلك عبد الرّحمن ابن عوف و ابن
مسعود و عمّار و الأنصار جميعا. قال: قد كان ذلك. قال: فو اللَّه إنّي لأشهد أنّك
مذ عرفتك في الجاهليّة و الإسلام لعلى خلق واحد؛ ما زاد فيك الإسلام قليلا و لا
كثيرا؛ و انّ علامة ذاك فيك لبيّنة تلومني على حبّ عليّ عليه السّلام؛ خرج مع عليّ
عليه السّلام كلّ صوّام قوّام مهاجريّ و أنصاريّ، و خرج معك أبناء المنافقين و
الطّلقاء و العتقاء خدعتهم عن دينهم و خدعوك عن دنياك؛ و اللَّه ما خفي عليك ما
صنعت، و ما خفي عليهم ما صنعوا، إذ أحلّوا أنفسهم لسخط اللَّه في طاعتك؛ و اللَّه
لا أزال أحبّ عليّا عليه السّلام للَّه و لرسوله و أبغضك في اللَّه و رسوله أبدا
ما بقيت. قال معاوية: و إنّي أراك على ضلالك بعد، ردّوه؛ فردّوه و هو يقرأ في
السّجن: ربّ السّجن أحبّ إليّ ممّا يدعونني إليه. فمات في السّجن.
و نقل ابن أبى الحديد عن كتاب الغارات: أنّه هرب من السّجن فأرى
معاوية أنّه كره انفلاته و كان يحبّ أن ينجو فقال لأهل الشّام: من يطلبه؟ فابتدر