و أمّا خبر زياد فانّه لحق معاوية فأتمّ له صلحه ثمّ انصرف بعد أن
ادّعاه معاوية[1] و ألحقه بأبي سفيان ثمّ ولّاه بعد المغيرة بن شعبة الكوفة.
فلما بلغ معاوية قوله أجازه و أكرمه و ولاه امارة المدينة.
قلت: اما قوله «ما بين عير الى ثور» فالظاهر أنه غلط من الراويّ لان ثورا بمكة و
هو جبل يقال له: ثور أطحل؛ و فيه الغار الّذي دخله النبي صلّى اللَّه عليه و آله و
أبو بكر، و انما قيل: أطحل، لان أطحل بن عبد مناف بن أد بن طابخة بن الياس بن مضر
بن نزار بن معد بن عدنان كان يسكنه، و قيل: اسم الجبل أطحل فأضيف ثور اليه و هو ثور
ابن عبد مناف، و الصواب ما بين عير الى أحد.
و أما قول أبى هريرة «فان عليا أحدث في المدينة» فحاش للَّه، كان على عليه السّلام أتقى
للَّه من ذلك، و اللَّه لقد نصر عثمان نصرا لو كان المحصور جعفر بن أبى طالب لم
يبذل له الأمثلة.
قال أبو جعفر: و أبو هريرة مدخول عند شيوخنا غير مرضى الرواية،
ضربه عمر بالدرة و قال: قد أكثرت من الرواية، و أحرى بك أن تكون كاذبا على رسول
اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله، و روى سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم التيمي
قال: كانوا لا يأخذون عن أبى هريرة الا ما كان من ذكر جنة أو نار، و روى أبو اسامة
عن الأعمش قال: كان إبراهيم صحيح الحديث فكنت إذا سمعت الحديث أتيته فعرضته عليه،
فأتيته يوما بأحاديث من حديث أبى صالح عن أبى هريرة فقال: دعني من أبى هريرة؛ انهم
كانوا يتركون كثيرا من حديثه.
و قد روى عن على عليه السّلام أنه قال:ألا ان أكذب الناس
أو قال: أكذب الاحياء على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله أبو هريرة الدوسيّ.
و روى أبو يوسف قال: قلت لأبي حنيفة: الخبر يجيء عن رسول اللَّه
(ص) يخالف قياسنا ما تصنع به؟- قال: إذا جاءت به الرواة الثقات عملنا به و تركنا
الرأى، فقلت:
ما تقول في رواية أبى بكر و عمر؟- فقال: ناهيك بهما، فقلت: على و
عثمان؟- قال:
كذلك، فلما رآني أعد الصحابة قال: و الصحابة كلهم عدول ما عدا
رجالا؛ ثم عد منهم
[1]ستأتي قصة استلحاق معاوية زيادا في
تعليقات آخر الكتاب ان شاء اللَّه (انظر التعليقة رقم 69).