قتل بسر في وجهه ذاهبا و راجعا ثلاثين ألفا، و حرّق قوما بالنّار و
قال الشّاعر و هو ابن مفرّغ[1]:
الى حيث سار المرء بسر بجيشه
فقتّل
بسر ما استطاع و حرّقا
قال: و لمّا قدم جارية بن قدامة الجرش بلغه بها قتل أمير المؤمنين
عليّ بن أبي طالب- صلوات اللَّه عليه و سلامه- فقدم مكّة فقال: بايعتم معاوية؟
قالوا: أكرهنا، قال جارية:
أخاف أن تكونوا من الّذين قال اللَّه فيهم:وَ إِذا لَقُوا
الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا: آمَنَّا؛ الآية ثمّ خرج حتّى أتى
المدينة فقال:* انّي لا أعلم أنّ فيكم أمير المؤمنين و لو أعرفه لبدأت به[2]* فبايعوا الحسن بن عليّ عليه السّلام.
و قد كان عليّ عليه السّلام دعا قبل موته على بسر بن أبي أرطاة-
لعنه اللَّه- فيما بلغنا فقال: اللَّهمّ انّ بسرا باع دينه بدنياه[3]و انتهك محارمك و كانت طاعة مخلوق فاجر آثر عنده ممّا عندك،
اللَّهمّ فلا تمته حتّى تسلبه عقله، فما لبث بعد وفاة عليّ عليه السّلام الّا
يسيرا حتّى وسوس [و ذهب عقله[4]].
«قلت:
كان مسلم بن عقبة ليزيد و ما عمل بالمدينة في وقعة الحرة كما كان
بسر لمعاوية و ما عمل في الحجاز و اليمن: و من أشبه أباه فما ظلم.
نبنى كما كانت أوائلنا
تبنى
و نفعل مثل ما فعلوا»
- في الأصل: «رجلا».
[1]سيأتي البيت و ترجمة ابن مفرغ بعيد ذلك
ان شاء اللَّه.
[2]ما بين الكوكبين في الأصل فقط و فيه بدل
«أمير المؤمنين»: «بأمير المؤمنين» بالباء في اوله.
فليعلم أن مضامين أمثال هذا الحديث تدل على أن بسرا قد بقي بعد
أمير المؤمنين عليه السّلام؛ و كتب السير و القصص و التراجم و التواريخ كلها أيضا
ناطقة بذلك الا ما في كتاب الفتوح لابن أعثم الكوفي فإنه صرح فيه بما ينافيه و نص
عبارته هكذا (ج 4؛ ص 69- 70): «قال: فخرج جارية من العراق يريد مكة و بلغ ذلك بسر بن أبى أرطاة