من اللّائمة[1] و قضيت الّذي عليك من
الحقّ فإنّ القوم قد قدموا و أنت في الحرم، و الحرم حرم اللَّه الّذي جعله [آمنا]
و قد كنّا في الجاهليّة قبل الإسلام نعظّم الحرم؛ فاليوم أحقّ أن نفعل ذلك.
فأقام قثم و جاء يزيد بن شجرة الرّهاويّ حتّى دخل مكّة ثمّ أمر
مناديا فنادى في النّاس: ألا انّ النّاس آمنون كلّهم إلّا من عرض لنا في عملنا و
سلطاننا؛ و ذلك قبل التّروية بيوم، فلمّا كان ذلك مشت قريش و الأنصار و من شهد
الموسم من الصّحابة و صلحاء النّاس فيما بينهما و سألتهما أن يصطلحا؛ فكلاهما سرّه
ذلك الصّلح؛ فأمّا قثم فإنّه لم يثق بأهل مكّة و لا رأى أنّهم يناصحونه، و أمّا
يزيد فكان رجلا متنسّكا و كان يكره أن يكون منه في الحرم شرّ.
عن عمرو بن محصن[2] قال: قام يزيد بن شجرة
فحمد اللَّه و أثنى عليه ثمّ قال:
أمّا بعد يا أهل الحرم و من حضره فإنّي وجّهت إليكم لأصلّي بكم و
أجمّع[3] و آمر بالمعروف و أنهي عن المنكر، فقد رأيت والي هذه البلدة كره ما
جئنا له و الصّلاة معنا و نحن للصّلوة معه كارهون، فإن شاء اعتزلنا الصّلاة
بالنّاس و اعتزلها و تركنا أهل مكّة يختارون لأنفسهم من أحبّوا حتّى يصلّي بهم،
فإن أبى فأنا آبي؛ و آبي، و الّذي لا إله غيره لو شئت لصلّيت بالنّاس و أخذته حتّى
أردّه إلى الشّام و ما معه و من يمنعه و لكنّي و اللَّه ما أحبّ أن أستحلّ حرمة
هذا البلد الحرام.
قال: ثمّ إنّ يزيد بن شجرة أقبل حتّى أتى أبا سعيد الخدريّ فقال:
رحمك اللَّه الق هذا الرّجل فقل له: لا ربّ لغيرك اعتزل الصّلاة بالنّاس و أعتزلها
و دع أهل مكّة يختارون لأنفسهم من أحبّوا؛ فو اللَّه لو أشاء لبعثتك و إيّاهم و
لكن و اللَّه ما يحملني