حدّثني عنك يا نعمان أنت أهدى قومك سبيلا [يعني الأنصار]؟- قال:
لا، فقال: كلّ قومك قد اتّبعني إلّا شذّ إذا منهم ثلاثة أو أربعة، أ فتكون أنت من
الشّذّاذ؟! فقال النّعمان: أصلحك اللَّه، انّما جئت لأكون معك و ألزمك، و قد كان
معاوية سألني أن أؤدي هذا الكلام و قد كنت رجوت أن يكون لي موقف أجتمع فيه معك و
طمعت أن يجري اللَّه تعالى بينكما صلحا، فإذا كان غير ذلك رأيك فأنا ملازمك و كائن
معك.
و أمّا أبو هريرة فلحق بالشّام فأتى معاوية و خبّره الخبر فأمره أن
يخبر النّاس ففعل، و أمّا النّعمان فأقام بعده أشهرا[1] ثمّ خرج فارّا من عليّ عليه السّلام حتّى إذا مرّ بعين التّمر أخذه
مالك بن كعب الأرحبيّ و كان عامل عليّ عليه السّلام عليها فأراد حبسه و قال له:
ما مرّ بك هاهنا[2]: قال: انّما أنا رسول
بلّغت رسالة صاحبي ثمّ انصرفت، فحبسه، ثمّ قال: كما أنت حتّى أكتب الى عليّ فيك،
فناشده و عظم عليه أن يكتب الى عليّ عليه السّلام فيه، و قد كان قال لعليّ عليه
السّلام: انّما جئت لاقيم، فأرسل النّعمان الى قرظة بن كعب الأنصاريّ[3] و هو بجانب[4] عين التّمر يجبي
خراجها لعليّ عليه السّلام فجاء مسرعا حتّى [وصل الى] مالك بن كعب فقال له: خلّ
سبيل هذا الرّجل[5]- يرحمك اللَّه- فقال له:
يا قرظة اتّق اللَّه و لا تتكلّم في هذا فانّ هذا لو كان من عبّاد
الأنصار و نسّاكهم ما هرب من أمير المؤمنين الى أمير المنافقين، فلم يزل[6] يقسم عليه حتّى خلّى سبيله، فقال له:
يا هذا لك الأمان اليوم و اللّيلة و غدا ثمّ قال: و اللَّه لئن
أدركتك بعدها لأضربنّ عنقك