من عبد اللَّه عليّ أمير المؤمنين الى من قرئ عليه كتابي هذا من
ساكني البصرة من المؤمنين و المسلمين: سلام عليكم، أمّا بعد فانّ اللَّه حليم ذو
أناة لا يعجل بالعقوبة قبل البيّنة، و لا يأخذ المذنب عند أوّل وهلة، و لكنّه يقبل
التّوبة و يستديم الأناة و يرضى بالإنابة[2]ليكون أعظم للحجّة و أبلغ في المعذرة، و قد كان من شقاق جلّكم[3]أيّها النّاس ما استحققتم أن تعاقبوا عليه فعفوت عن مجرمكم، و رفعت
السّيف عن مدبركم، و قبلت من مقبلكم، و أخذت بيعتكم، فان تفوا ببيعتي، و تقبلوا
نصيحتي، و تستقيموا على طاعتي أعمل فيكم بالكتاب [و السّنّة] و قصد الحقّ و أقم[4]فيكم سبيل الهدى، فو اللَّه ما أعلم أنّ واليا بعد محمّد صلّى
اللَّه عليه و آله أعلم بذلك منّي [و لا أعمل[5]]،أقول قولي هذا صادقا
غير ذامّ لمن مضى و لا منتقصا لأعمالهم، فان خطت[6]بكم الأهواء المردية و سفه الرأي الجائر الى منابذتي تريدون خلافي،
فها أنا ذا قرّبت جيادي و رحّلت ركابي، و أيم اللَّه لئن ألجأتموني الى المسير
إليكم لأوقعنّ بكم وقعة لا يكون يوم الجمل عندها الّا كلعقة
[1]نقل الشريف الرضى- رضى اللَّه عنه-
مختارا من هذا الكتاب في باب المختار من كتب أمير المؤمنين (ع) في نهج البلاغة و
نص عبارته فيه هكذا (ج 4، ص 2 من شرح النهج لابن أبى الحديد):
«ومن كتاب له عليه السلام الى أهل البصرة: و قد كان من انتشار حبلكم
و شقاقكم ما لم تغبوا عنه، فعفوت عن مجرمك و رفعت السيف عن مدبركم، و قبلت من
مقبلكم، فان خطت بكم الأمور المردية و سفه الآراء الجائرة الى منابذتي و خلافي فها
أنا ذا قد قربت جيادي و رحلت ركابي، و لئن ألجأتمونى الى المسير إليكم لأوقعن بكم
وقعة لا يكون يوم الجمل اليها الا كلعقة لاعق، مع أنى عارف لذي الطاعة منكم فضله و
لذي النصيحة حقه غير متجاوز متهما الى بري و لا ناكثا الى وفى».
[2]كذا في شرح النهج لكن في الأصل: «يقبل التوبة و
يستديم الانابة»: