الآخر خمسة نفر، و و اللّه إنّي ما أرى أمركم و أمرهم إلّا يصير إلى القتال،
فان كان ذلك فلا تكونوا أعجز الفريقين.
قال: ثمّ قال لنا: ليأخذ كلّ رجل منكم بعنان فرسه حتّى أدنو منهم و أدعو
إليّ صاحبهم[1] فأكلّمه فان تابعني على ما أريد و إلّا فإذا دعوتكم فاستووا على متون
خيلكم ثمّ أقبلوا إليّ معا غير متفرّقين، فاستقدم أمامنا و أنا معه فسمعت رجلا من القوم
يقول: جاءكم القوم و هم كالّون[2] معيون و أنتم جامّون مريحون[3] فتركتموهم حتّى نزلوا و أكلوا و شربوا و أراحوا دوابّهم، هذا و اللَّه
سوء الرّأى، [و اللَّه لا يرجع الأمر بكم و بهم إلّا إلى القتال فسكتوا و انتهينا إليهم[4]] و دعا زياد بن خصفة صاحبهم الخرّيت فقال له: اعتزل فلننظر في أمرنا فأقبل
إليه في خمسة نفر، فقلت لزياد: أدعو لك ثلاثة نفر من أصحابنا حتّى نلقاهم في عددهم؟
فقال: ادع من أحببت منهم، فدعوت له ثلاثة فكنّا خمسة و هم خمسة. فقال له زياد: ما الّذي
نقمت على أمير المؤمنين و علينا إذ فارقتنا؟- فقال له الخرّيت: لم أرض بصاحبكم إماما،
و لم أرض بسيرتكم سيرة، فرأيت أن أعتزل و أكون مع من يدعو إلى الشّورى من[5] النّاس، فإذا اجتمع النّاس على رجل [هو] لجميع الأمّة رضيّ كنت مع النّاس.
فقال له زياد: ويحك و هل يجتمع النّاس على رجل منهم يداني عليّا صاحبك
الّذي فارقته علما[6] باللَّه و بكتابه و سنّة رسوله مع قرابته منه صلّى اللَّه عليه و آله
و سلّم و سابقته في
[1]في الأصل: «إذ
أدنو منهم و أدعوهم الى صاحبكم فأكلمه» و في شرح النهج:
«فإذادنوت منهم و كلمت صاحبهم» و المتن من الطبري.
[2]يقال: «كل
الرجل و غيره من المشي و غيره كلالا و كلولا تعب و أعيا فهو كال».
[3]هو من قولهم: «أراح
الرجل إذا نزل عن بعيره ليخفف عنه، و أيضا تنفس و رجعت اليه نفسه بعد الإعياء، و
صار ذا راحة» و أما «جامون» فهو من الجمام بمعنى الراحة و
قد فسرنا الكلمة قبيل ذلك.