فأردت أن ألقى ابن عمّه في ذلك فاعلمه بما كان من قوله لأمير المؤمنين
و ما ردّ عليه، و آمر ابن عمّه ذلك أن يشتدّ بلسانه عليه و أن يأمره بطاعة أمير المؤمنين
و مناصحته، و يخبره أنّ ذلك خير له في عاجل الدّنيا و آجل الآخرة.
قال: فخرجت حتّى انتهيت الى منزله و قد سبقني فقمت عند باب داره و في
داره رجال من أصحابه[1]لم يكونوا شهدوا معه دخوله على عليّ عليه السّلام، فو اللَّه ما رجع
و لا ندم على ما قال لأمير المؤمنين و ما ردّ عليه[2]ثمّ قال لهم: يا هؤلاء إنّي قد رأيت أن أفارق هذا الرّجل و قد فارقته
على أن أرجع اليه من غد و لا أراني الّا مفارقه[3]فقال أكثر أصحابه: لا تفعل حتّى تأتيه، فان أتاك بأمر تعرفه قبلت منه،
و ان كانت الأخرى فما أقدرك على فراقه، فقال لهم: نعم ما رأيتم.
قال: ثمّ استأذنت عليهم فأذنوا لي[4]،فأقبلت على ابن عمّه و هو مدرك
بن الرّيّان النّاجىّ و كان من كبراء العرب فقلت له: انّ لك عليّ حقّا لإخائك و ودّك
و لحقّ[5]المسلم على المسلم، انّ ابن عمّك كان منه ما قد ذكر لك فأخل به و اردد
عليه [رأيه[6]] و عظّم عليه ما أتى، و اعلم أنّني خائف ان فارق أمير المؤمنين أن يقتلك
[1]في شرح النهج: «عند
باب دار فيها رجال من أصحابه».
[2]في الأصل: «فو
اللَّه ما تحرم عما قال و عما رد عليه» و في الطبري: «فو
اللَّه ما جزم شيئا مما قال و مما رد عليه».
[4]في الطبري بعدها: «فدخلت
فقلت: أنشدك اللَّه أن تفارق أمير المؤمنين و جماعة المسلمين و أن تجعل على نفسك
سبيلا، و أن تقتل من أرى من عشيرتك، ان عليا لعلى الحق، قال: فأنا أغدو اليه فأسمع
منه حجته و انظر ما يعرض على به و يذكر، فان رأيت حقا و رشدا قبلت، و ان رأيت غيا
و جورا تركت. قال: فخلوت بابن عمه».
[5]في الطبري: «لاخائك و
ودك ذلك على بعد حق» و في شرح النهج: «لإحسانك و ودك و حق».