معاوية بن حديج في طلب محمّد بن أبى بكر حتّى انتهى الى علوج[1] على قارعة الطّريق فسألهم: هل مرّ بكم أحد تنكرونه؟- قالوا: لا، فقال
أحدهم: انّى دخلت تلك الخربة فإذا أنا فيها برجل جالس، فقال ابن حديج: هو هو و ربّ
الكعبة، فانطلقوا يركضون حتّى دخلوا عليه و استخرجوه و قد كاد يموت عطشا فأقبلوا به
نحو الفسطاط.
قال: و وثب أخوه عبد الرّحمن بن أبى بكر الى عمرو بن العاص و كان في جنده
فقال: و اللَّه لا يقتل أخى صبرا، ابعث الى معاوية بن حديج فانهه عن قتله، فأرسل عمرو
الى معاوية أن ائتني بمحمّد، فقال معاوية: أ قتلتم كنانة بن بشر ابن عمّى و اخلّى عن
محمّد؟! هيهات،أَ كُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ[2]. فقال محمّد: اسقوني قطرة من الماء، فقال معاوية: لا سقاني اللَّه ان سقيتك
قطرة أبدا، انّكم[3] منعتم عثمان أن يشرب الماء حتّى قتلتموه ظاميا[4] محرما، فسقاه[5] اللَّه من الرّحيق المختوم، و اللَّه لأقتلنّك يا ابن أبى بكر و أنت ظمآن
فيسقيك اللَّه من الحميم و الغسلين[6].
فقال له محمّد بن أبى بكر: يا ابن اليهوديّة النّسّاجة: ليس ذلك[7] إليك و لا الى من ذكرت[8]، انّما ذلك الى اللَّه يسقى أولياءه و يظمئ
أعداءه و هم أنت و قرناؤك[9]
[1]في المصباح المنير: «العلج
الرجل الضخم من كفار العجم، و بعض العرب يطلق العلج على الكافر مطلقا، و الجمع
علوج و أعلاج مثل حمل و حمول و أحمال».