فكتب معاوية من معاوية بن أبى سفيان الى على بن أبى طالب:
قد انتهى الىّ كتابك فأكثرت فيه ذكر إبراهيم و إسماعيل و آدم و نوح و
النّبيّين و ذكر محمّد صلى اللَّه عليه و آله و سلّم و قرابتكم منه و منزلتكم و حقّك،
و لم ترض بقرابتك من محمّد صلى اللَّه عليه و آله حتّى انتسبت الى جميع النّبيّين،
ألا و انّما كان محمّد رسولا من الرّسل الى النّاس كافّة فبلّغ رسالات ربّه لا يملك
شيئا غيره، ألا و انّ اللَّه ذكر قوماجَعَلُوا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً[1] و قد خفت عليك أن تضارعهم[2]، ألا و انّ اللَّه أنزل في كتابه أنّه لم
يك يتّخذ ولداوَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ و لا ولىّ من الذّلّ[3]، فأخبرنا: ما فضل قرابتك؟
و ما فضل حقّك؟ و أين وجدت اسمك في كتاب اللَّه؟ و ملكك و إمامتك و فضلك؟
ألا و انّما نقتدي بمن كان قبلنا من الأئمّة و الخلفاء الّذين اقتديت بهم فكنت كمن
اختار و رضى و لسنا منكم.
قتل خليفتنا أمير المؤمنين عثمان بن عفّان و قال اللَّه:وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ
جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً[4]، فنحن أولى بعثمان و ذرّيّته، و أنتم أخذتموه
على رضى من أنفسكم جعلتموه خليفة و سمعتم له و أطعتم[5].
[1]اشارة الى قول اللَّه تعالى:«وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْجِنَّةِ
نَسَباً وَ لَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ» (آية 158 من سورة الصافات) و قال
الطريحي (رحمه الله) في مجمع البحرين في تفسيره: «قيل: هو زعمهم أن الملائكة بنات
اللَّه فأثبتوا بذلك جنسية جامعة له و للملائكة، و الجنة الجن، و سموا جنة لاستتارهم
عن العيون، و قيل: هو قول الزنادقة:
[3]اشارة الى قول اللَّه تعالى في آخر سورة الاسراء:
«و قل
الحمد للَّه الّذي لم يتخذ ولدا و لم يكن له شريك في الملك و لم يكن له ولى من الذل
و كبره تكبيرا».