و لكلّ نبيّ دعوة في خاصّة نفسه و ذرّيّته و أهله، و لكلّ نبيّ وصيّة
في آله، أ لم تعلم أنّ إبراهيم أوصى بابنه يعقوب، و يعقوب أوصى بنيه إذ حضره الموت[1]و أنّ محمّدا أوصى الى آله سنّة إبراهيم و النّبيّين اقتداء بهم كما
أمره اللَّه، ليس لك منهم و لا منه سنّة في النّبيّين و في هذه الذّرّية الّتي بعضها
من بعض قال اللَّه لإبراهيم و إسماعيل[2]و هما يرفعان القواعد من البيت[3]:رَبَّنا وَ اجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً
مُسْلِمَةً لَكَ[4]فنحن الأمّة المسلمة، و قالا:رَبَّنا وَ ابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا-
مِنْهُمْ- يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ
وَ يُزَكِّيهِمْ[5]فنحن أهل هذه الدّعوة و رسول اللَّه منّا و نحن منه بعضنا من بعض و
بعضنا أولى ببعض في الولاية و الميراثذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ[6]و علينا نزل الكتاب، و فينا بعث الرّسول، و علينا تليت الآيات، و نحن
المنتحلون للكتاب و الشّهداء عليه و الدّعاة اليه و القوّام بهفَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ[7]؟!أ فغير اللَّه
يا معاوية تبتغي ربّا؟! أم غير كتابه كتابا؟! أم غير الكعبة بيت اللَّه و مسكن إسماعيل
و مقام أبينا إبراهيم تبغي قبلة؟! أم غير ملّته تبغي دينا؟! أم غير اللَّه تبغي ملكا؟!
فقد جعل اللَّه ذلك فينا فقد أبديت عداوتك لنا و حسدك و بغضك، و نقضك عهد اللَّه، و
تحريفك آيات اللَّه، و تبديلك قول اللَّه، قال اللَّه لإبراهيم:إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ
الدِّينَ
[1]اشارة الى قوله تعالى:«وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ
وَ يَعْقُوبُ (آية
132 سورة البقرة)».
[2]أي حكى اللَّه تعالى عن إبراهيم و إسماعيل و نقل قولهما
له تعالى.
[3]اشارة الى قوله تعالى:«وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ
مِنَ الْبَيْتِ وَ إِسْماعِيلُ (آية 127 سورة البقرة)».