فإنّ تكرّر الأفاعيل يوجب حدوث الملكات، و كلّ ملكة و صفة نفسانيّة
تغلب على باطن الإنسان تتصوّر في الآخرة بصورة تناسبهاقُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ
[17/ 84] و لا شكّ إنّ أفاعيل الأشقياء المردودين المدبرين إنّما هي بحسب
هممهم القاصرة النازلة في مراتب البرازخ الحيوانيّة، و تصوراتهم مقصورة على أغراض
بهيميّة أو سبعيّة تغلب على نفوسهم، فلا جرم يحشرون على صور تلك الحيوانات
المناسبة لأفعالهم و ملكاتهم، كما في قوله تعالى:وَ إِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ
[81/ 5].
و
في الحديث:
«يحشر بعض الناس على صورة تحسن عندها القردة
و الخنازير».
حكمة إلهية
إنّ الإنسان من حيث بدنه الدنيوي و نفسه المتعلّقة بها نوع واحد و له
حدّ واحد، و لكن من جهة نشأته الثانية و الصورة الاخرويّة و الفائضة على موادّ
النفوس بحسب هيأتها النفسانيّة سيصير أنواعا كثيرة.
و السبب اللمّي في ذلك أنّ النفس الإنسانيّة لها جهتان: جهة قوّة
وجهة فعل، فهي من حيث فعليتها صورة فائضة على مادّة البدن، و هي من هذه الحيثيّة
أمر واحد هو مبدأ فصل الإنسان، يمتاز به عن سائر المركّبات الحيوانية و غيرها، و
أمّا من جهة كونها بالقوّة فلها استعداد كلّ صفة من