نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 7 صفحه : 309
على أنّ سرّ كلام اللّه أجلّ من أن يحيط به تقرير و بيان، و أن يجمع
أكنافه و أطرافه لسان و بنان، لكنّ محرّك الكلّ حرّكني بقدرته إلى حيث أراد، و
مقلّب القلوب قلّبني بإصبعيه نحو ما شاء و أجاد، و لا بعد في أن يطلع اللّه أحدا
على بعض أسرار كتابه، و يشرق على قلبه نبذا من أنوار خطابه، فإنّ لكلّ نفس طالبة
قسطا من نور اللّه- قلّ أو كثر- و لكلّ قلب هارب عن غيره حظّ من سرّ اللّه بطن أو
ظهر، لأنّ رحمة اللّه واسعة و خزائن جوده مملوّة، و ينابيع وجوده نابعة، يفيض على
من يشاء من عباده من غير مانعة و لا دافعة.
تمهيد:
اعلم- وفّقك اللّه لفهم أسرار القرآن، و جعلك متخلّصا عن أسر عالم
الحدثان:- إنّ المقصد الأقصى و العمدة الوثقى في كمال الإنسان الذي هو أشرف ما
يوجد في عالم الحيوان، معرفة أحوال المبدإ و المعاد، و لأجلها بعث اللّه النبيّين
مبشّرين و منذرين إلى العباد. و أنزل الكتاب نورا يهتدي به الناس في سبيل النجاة و
الرشاد، و إليها يرجع فائدة الحثّ على الطاعات المنوّرات للقلب بالترغيب، و الزجر
عن المعاصي المظلمات المكدّرات للنفس بالترهيب.
و إنّ للإنسان في الجملة أحوالا ثلاثة يعبّر عنها بالأيّام الثلاثة:
و هي حال المبدإ و المعاش و المعاد، المشار إليها في
قول أمير المؤمنين و إمام الموحّدين- عليه السّلام و الإكرام-: «رحم اللّه امرأ أعدّ لنفسه، و استعدّ لأمسه [4]، و علم من أين و في أين، و إلى أين» [5].