نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 7 صفحه : 209
الإشراق الثالث في حكمة الموت
اعلم إنّه قد تقرّر في العلوم الكليّة بيان حكمة الموت و حكمة نفرة
النفوس عنه، أمّا حكمة الموت فلأنّ كون النفس في هذه الدنيا حال نقص دون التمام، و
كونها في الآخرة حال تمام، فالبقاء على حال التمام أفضل و أكمل و ألذ و أشرف، كما
أنّ حال الأبدان في الأرحام حال نقص عن التمام و الكمال، و حالها بعد الولادة حال
تمام و كمال، كما لا يخفى على أحد، و لا يجوز في العناية الربّانيّة إهمال شيء من
الكمالات و الخيرات و عدم الإجادة به على مستحقّه، فيجب بمقتضى جوده و رحمته إكمال
كلّ ناقص بكماله اللائق بحاله.
و كما أنّه لا يمكن الوصول إلى تمام الخلقة البدنيّة في الدنيا إلّا
بعد تقدّم حال النقص في الرحم و الجواز عليه و الخروج عنه، فهكذا حال الأرواح في
تمام تكوّنها الاخرويّ و نشأتها الثانويّة، فإنّها لا يصل إليها إلّا بعد تقدّم
حال النقص في رحم الدنيا و الورود فيها و الجواز عليها و الخروج عنها، فحال
الأرواح بعد الموت على موازنة حال الأبدان بعد مفارقتها الأرحام لأنّ الموت ليس
معناه سوى مفارقة الروح الجسد و الدنيا، كما أنّ الولادة ليست سوى مفارقة الجسد
المشيمة و الرحم.
فالدنيا كالرحم، و البدن كالمشيمة، و الروح كالجنين، و الم النزع
كألم الولادة، و ملك الموت كالقابلة، و القبر كالمهد، و فضاء الآخرة و أنوارها
الإلهيّة و الجبروتيّة و الملكوتيّة بالنسبة إلى ضيق الدنيا و ظلماتها الثلاث التي
بعضها فوق بعض- ظلمة الهيولى و ظلمة الطبيعة و ظلمة النفس- بدواعيها الشهويّة و
الغضبيّة
نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 7 صفحه : 209