نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 7 صفحه : 201
كانوا موقنين بصدق الرسول صلّى اللّه عليه و آله لتمنوا ذلك، و
لكنّهم علموا إنّهم لو تمنّوا لماتوا من ساعتهم و لحقهم الوعيد، فما تمالك أحد
منهم أن يتمنّى.
الإشراق الرابع [تمنى الموت دليل كون صاحبه أهل السعادة]
قد نبّه اللّه في هذه الآية على كذب اليهود في دعويهم ولاية اللّه و
قربه، و نبّه في موضع
[4]
آخر
على كذبهم في دعويهم أنّ الآخرة خير لهم من الاولى و أنّ الدار الآخرة خالصة لهم،
و كشف عن ذلك أيضا بهذا الطريق فقال مخاطبا لرسوله صلّى اللّه عليه و آله:قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ
الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ
إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ
[2/ 94] فأخبر بأنّهم لن يتمنّوا الموت أبدا بما قدّمت أيديهم من سوء الأفعال
و قبح الأعمال و فساد الأنظار و الأطوار المؤدية إلى الاحتراق بالنار كما قال طبق
هذا المقال:
وَ لَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ [2/ 95] تنبيها على أنّهم ليسوا
من أهل سلامة الآخرة و سعادة تلك الدار، إذ ليسوا من أهل المحبّة الإلهيّة، و
المودّة الروحانيّة، فإنّ المحبّة اللّه و ولايته التي للأولياء المقرّبين علامات
مرجعها إلى ترك الالتفات بغير اللّه و قطع النظر عمّا سواه و تنقية القلب عن سائر
المحبوبات.
و المتضمّن لهذه التروك كلّها هو الموت، فمن أحبّ لقاء اللّه اشتاق
إلى الموت، إذ بالموت يتخلّص عن صحبة الأغيار بالكليّة و يرجع إلى لقاء اللّه
العزيز القهّار.