نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 98
الأجسام و قيل لها:انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ
[77/ 30] فتفرّقت في هياكل الأجسام و تمزّقت بعد وحدتها و جمعيّتها؛ و شتّت
شملها، و وقعت بينهم العداوة و البغضاء إلى يوم القيامة، كما قال تعالى:اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ
وَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ.
و عرض لها عند ذلك من الأهوال و الدهش و المصائب مثل ما عرض لقوم من
ركّاب البحر لمّا اشتدت بهم الريح، و اضطرب بهم البحر، و هاجت بهم الأمواج، و
انكسرت منهم السفينة، و غرقوا في بحر الطبيعة، و غاصوا في ظلمات الماء، و تفرّقوا
في كلّ فجّ عميق من الجزائر و السواحل.
فكما إنّ أولئك القوم في الوقت الذي انكسرت منهم السفينة- تراهم بين
غائص، و طاف، أو متعلّق بخشبة او بحبل، او راكب بعضهم كتف بعض، كلّ واحد يقول: «نفسي، نفسي» من شدّة الأهوال، لا يفكّر بغيره، و لم يرد النجاة إلّا لنفسه،
و لا همّه سواه، و لا يكفّر فيما كانت فيه- فهكذا حال النفوس في هذا العالم و
كونها مع هذه الأجساد. فمن هذه الأشياء نسيت النفوس عالمها و دارها الحيواني و لا
يذكر شيئا ممّا كانت فيه من أمر عالمها و مبدأها و معادها، كما قال تعالى:وَ إِذا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ وَ
إِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ.
[37/ 14- 15] ثمّ قال: إنّ النفس إذا انتبهت من نوم الغفلة و رقدة الجهالة و
استبصرت ذاتها، و عرفت جوهرها، و تحقّقت بغربتها في عالم الأجسام و غرقها في بحر
الهيولى، و أسرها بالشهوات الطبيعيّة، و عاينت عالمها، و استبان لها فضل نعيمها
على هذه اللذّات الكدرة الظلمانيّة و تنسّمت بروح عالمها و ريحانها؛ اشتاقت إلى
هناك و ملت الكون مع هذه الأجسام، و زهدت في نعيم الدنيا، و تمنّت الموت لهذا
الجسد، و الخروج من ظلمته، فيكون مثلها مثل جماعة خرجوا من الحبوس و المطامير مع ضوء
الصبح، فشاهدوا هذا العالم دفعة واحدة.
نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 98