نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 53
فلا دليل يوجب ترك الظاهر، فوجب إمضاؤها على ظاهرها في العموم.
و خامسها قوله [تعالى]:وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ [21/ 107] و الملائكة من جملة
العالمين، فكان صلّى اللّه عليه و آله رحمة لهم فوجب أن يكون أفضل منهم.
و أجيب بأنّ كون محمّد صلّى اللّه عليه و آله رحمة لهم لا يلزم منه
أن يكون أفضل منهم، كما في قوله:فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ
بَعْدَ مَوْتِها [30/ 50] و لا يمتنع أن
يكون رحمة لهم من وجه، و هم يكونون رحمة له من وجه.
و سادسها إن عبادة البشر أشقّ، فوجب أن يكون أفضل.
بيان كون عبادتهم أشقّ لوجوه: منها كثرة الموانع لهم إلى الطاعات و
كثرة الدواعي و الأشواق فيهم إلى المعاصي، و الفعل مع المعارض القويّ أشد منه بدون
المعارض، و المبتلى بكثرة الدواعي و الشهوات يكون الطاعة عليه أشقّ.
و منها إن شبهاتهم أكثر، و الحجب بينهم و بين المعبود أكثر، فاحتاجوا
إلى الاستدلال و الاجتهاد.
و منها إنّ الشيطان مسلّط على البشر بالوسوسة، جار في عروقهم مجرى
الدم و لا سبيل له إلى وسوسة الملائكة، و ذلك منشأ تفاوت عظيم في المشقّة، و إذا
ثبت ذلك فكانوا أكثر ثوابا من الملائكة،
لقوله صلّى اللّه عليه و آله: «أفضل
العبادات
أحمزها» [1].
و أجيب بما مرّ من أنّ ملاك الأمر في باب العبادة و معظمه الإخلاص،
دون المشقّة، لما نرى من كثرة المشقّة في عبادات جهّال المتصوّفة، و نسمع من
رياضيات كفرة الهند و بعض الملاحدة مع أنا نعلم يقينا إن منزلتهم خسيسة دنيّة.
و سابعها: إن اللّه تعالى خلق الملائكة عقولا و خلق البهائم شهوات
بلا عقول و خلق الآدمي و جمع فيه الأمرين، فصار الآدمي بسبب العقل فوق البهيمة
بدرجة لا حدّ لها، فوجب أن يصير بسبب الشهوة دون الملائكة، ثمّ وجدنا الآدمي إذا
غلب