نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 472
فإذا تقرر ما ذكرناه فنقول: انّ ما ذكره مجاهد- و إن كان غير مستبعد
جدّا و له وجه حسن- لا لما ذكره بعض المفسرين كالإمام الرازي و غيره [1]: «بأنّه مجاز شائع، فإنّ الإنسان إذا أصرّ على جهالة بعد
ظهور الآيات و وضوح البينّة فقد يقال في العرف إنّه حمار و قرد. و إذا كان هذا
المجاز من المجازات المشهورة لم يكن في المصير إليه مجذور ألبتّة»- بل لما أشرنا
إليه من حقيقة المسخ بحسب الباطن و القلب، كما وجّهنا إليه كلام الأقدمين من
الحكماء. و لكن مع ذلك لا حاجة بنا إلى العدول إلى ما ذكره عن الظاهر المتعارف.
و ذلك لمعنى لطيف نذكره، و هو انّ مسخ الصورة و تبدّلها على وجهين:
أحدهما أن ينتقل النفس من بدن إنسان مثلا عند موته إلى بدن حيوان آخر
حين ولادته و هو المسخ المعروف عند التناسخيّة- و هذا باطل عند المحقّقين.
و الثاني أن يتحوّل شخص واحد من صورته إلى صورة حيوان آخر كما وقع في
بني إسرائيل- و هذا جائز لا دليل على استحالته.
و السبب فيه انّ الأبدان تابعة للنفوس، و الأشكال فائضة عليها من
المبدإ بوساطة النفوس. و لهذا ما ترى تغيّرات البدن عند تغيّرات النّفس، من الشهوة
و الغضب و الخوف و الفرح و غيرها، فإذن لا استبعاد من كون بعض النفوس في شدّة
خلقها الرديّ و تأكّدها بحيث تؤثّر في البدن تأثيرا شديدا يشكّل البدن بشكل يناسب
ذلك الخلق، فيكون يمسخ الظاهر تبعا لمسخ الباطن على وجه الاتّصال.
و هذا ممّا كان في أمّة موسى عليه السّلام، و سبب هلاك ذلك الممسوخ
زوال عقله، فلا يمكن تدبير بدنه بغذاء يناسبه، فيموت بعد ثلاثة أيّام و نحوها.
و دليل استحالة التناسخ لا يجري في هذا النحو من المسخ المتصّل، بل
يجري في المسخ المنفصل.