و أمّا معنى كون الشيء مثالا و مظهرا له تعالى- فيحتاج تحقيقه إلى
علوم كثيرة باطنيّة ليس هاهنا موضع بيانها- و سنشير إلى لمعة منها.
و أمّا القسم الثالث- هو أن يرى بعين القلب مظهرا مثاليا. و لا ينفكّ
هذه الرؤية من العلم بكون المظهر مثالا له تعالى، فهذا مما لا يمكن وقوعه من العبد
في الدنيا.
و أمّا ما
روي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله أو عن غيره «إنّه رأى في صورة كذا و كذا»
فذلك لظهور سلطان الآخرة
156
و
تجرّد الروح عن الدنيا و ما فيها، فإنّ للنفس في ذاتها سمعا و بصرا و يدا و رجلا،
و جميع الحواسّ و الجوارح المستورة عن مشاعر هذا العالم، و هذه الحواسّ 157 و القشور حجب و أغشية ظلمانيّة 158 على تلك الحواسّ و القوى و الأعضاء و هي
المقبورة المحشورة من الخلق عند قيام الساعة.
و أمّا القسم الرابع- و هو أن يرى بالعين الباطنة ذات اللّه تعالى-
فهذا مختصّ بالعلماء الراسخين، سيّما الأنبياء و الأولياء منهم عليهم السّلام-
سواء كانوا في الدنيا أو ارتحلوا إلى الآخرة، فإنّ هذه رؤية بحقائق الايمان لا
بجوارح الأبدان.
و الدليل على هذا ما
رواه محمّد بن يعقوب الكليني في الكافي [2]، و محمّد بن عليّ بن بابويه القمّي في
كتاب التوحيد [3]- طاب ثراهما-
عن أبي عبد اللّه جعفر ابن محمّد الصادق عليه السّلام إنّه قال: «جاء حبر إلى أمير المؤمنين علي عليه السّلام، فقال: