نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 392
كما ورد في كثير من الأحاديث و الأخبار.
و بيان ذلك إنّ الناس على ثلاثة أقسام:
فالعامّة حجبوا عن اللّه بالخلق في المنع و العطاء. و الصوفيّون
السالكون في الابتداء حجبوا باللّه عن الخلق و رأوا الأشياء من اللّه، حيث طالعوا
ناصية التوحيد و خرقوا الحجاب الذي منع الخلق عن صرف التوحيد، فلم يثبتوا للخلق
منعا و لا عطاء.
و اما الكمّل من العلماء الإلهيّين فحيث ارتقوا إلى ذروة التوحيد
شكروا الخلق بعد شكر الحقّ، و أثبتوا لهم وجودا و تأثيرا في المنح و العطاء، بعد
أن رأوا و شاهدوا السبب الأوّل أوّلا.
و ذلك لسعة علمهم و قوّة معرفتهم بحيث يسع علمهم للجانبين، و لا يحجب
نظرهم بأحد من الخلق و الحقّ عن الآخر، فلا يحجبهم الخلق عن الحقّ كعامّة المسلمين
الساكنين في مقام التسليم
143، و لا يحجبهم الحقّ عن الخلق كأرباب الإرادة 144 و المبتدءين من السالكين، بل شاهدوا الحكمة و الترتيب و نفوذ
نور الحقيقة في مطاوي الممكنات و مكامن الماهيات، فيشكرون الخلق لأنّهم الوسائط و
الأسباب.
روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله انّه قال [1]: «أوّل ما يدعي إلى الجنّة الحمّادون، الذين
يحمدون اللّه في السرّاء و الضرّاء»
145 و
قال صلّى اللّه عليه و آله: «من
عطس
او تجشّى فقال:
«الحمد
للّه
على كلّ حال» رفعه اللّه بها عنه سبعين داء أهونها الجذام.
و
قال صلّى اللّه عليه و آله [2]: «ما من عبد ينعم عليه نعمة فحمد اللّه إلّا كان الحمد أفضل منها».
فقوله صلّى اللّه عليه و آله: «كان
الحمد
أفضل منها»
يحتمل انّه رضى الحقّ بها شكرا، و يحتمل انّ الحمد أفضل منها نعمة،
فيكون نعمة الحمد أفضل من النعمة التي حمد