نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 289
فصل [في تتّمة القول في الصبر و أقسامه]
اعلم إنّ الصبر دواء مرّ، و شربة كريهة، يجلب إليك كلّ منفعة، و يدفع
عنك كلّ مضرّة. فإذا كان هذا الدواء بهذه الصفة، فالإنسان العاقل يكره النفس على
شربه و تجرّعه، و يصبر على مرارته و حدّته، و هو يقول: «مرارة ساعة، و راحة سنة».
و قيل [1]: «لكلّ شيء جوهر، و جوهر الإنسان العقل، و جوهر العقل
الصبر».
و الصبر جار في الصابر مجرى الأنفاس، لأنّه يحتاج إلى الصبر عن كل
منهيّ و مكروه و مذموم ظاهرا و باطنا. و لا يتمّ ذلك إلّا بالعلم.
و قيل [2]: «أشدّ مراتب الصبر و أقسامه كفّ الباطن عن حديث النفس»
و إنّما يشتدّ ذلك على من يفرغ له، بأن يقمع الشهوات الظاهرة، و آثر العزلة، و جلس
للمراقبة و الذكر و الفكر. فإنّ الوسواس لا يزال يجاذبه من جانب إلى جانب. و هذا
لا علاج له إلّا قطع العلائق بالكليّة بالفرار عن الأهل و الأولاد و الرفقاء و
الأصدقاء.
و لا يكفي ذلك ايضا ما لم يجعل الهموم همّا واحدا- و هو اللّه- ثمّ
إذا غلب ذلك على القلب فلا يكفي ما لم يكن له مجال في الفكر و سير الباطن في ملكوت
السموات و الأرض و عجائب صنع اللّه، و سائر أبواب معرفة اللّه، حتّى إذا استولى
ذلك على قلبه دفع اشتغاله بذلك حادثة الشيطان و وسواسه.
و إن لم يكن له سير بالباطن فلا ينجيه الأوراد [3] المتواصلة و الصلوات و الأذكار
[1] راجع عوارف المعارف: الباب الستون، قولهم في الصبر: 234.