نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 190
أذكركم بالاستغراق في المشاهدة. و ذكر الروح بالتفريد و المحبّة:
فاذكروني بالتفريد و المحبّة. أذكركم بالتوحيد و القربة، و ذكر السرّ ببذل الوجود
و الفناء:
اذكروني ببذل الوجود و الفناء أذكركم بنيل الشهود و البقاء.
و هذا حقيقة
قوله تعالى في الحديث الرباني [1]: «و إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي»
و هذا هو الذكر الحقيقي أن يجعل الذاكر مذكورا، و المذكور ذاكرا. بل
يكون الذكر و الذاكر و المذكور واحدا، كما قال سبحانه:لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ [40/ 16] كما قال قائلهم:
رقّ الزجاج و رقّت الخمر
فتشابها و تشاكل الأمر
فكأنّه خمر و لا قدح
و كأنها قدح و لا خمر
و هذا الدعوى- أي فناء العبد عن نفسه و بقائه بنور الحقّ على ما هو
مشهود العارفين بالعيان- ممّا أقيم عليه البرهان، و هو معلوم من علم النفس و
كيفيّة تطوّاراتها في الأطوار و اتّحادها في مدارج الاستكمال بالعقل الفعّال، كما
هو مذهب كثير من الحكماء الأقدمين منهم فرفوريوس، مثاله حال الفراش مع الشمع و
اشتعاله بشعلة الشمع، فلمّا بذل الفراش للشمع وجوده نال من وجود الشمع مقصوده، كما
قيل:
أنا من أهوى و من أهوي أنا
نحن روحان حللنا
- إلى آخره- و مثال آخر: الحديدة الحامية بالنار، حيث إنّها لا يزال
تتقرب و تتشبه بالنار حتى تزول عنها الهوّية الحديدية، و تصير فانية في هوية
الناريّة، و تفعل فعلها من الإحراق و الإضاءة.
فلا تتعجّب من النفس إذا استشرقت بنور اللّه و اتّصلت بعالم
الربوبيّة و تخلّقت بأخلاق اللّه، ففعلت ما فعلت بقدرة اللّه- لا بقدرتها- و سمعت
بسمع اللّه، و بصرت
[1] المحاسن للبرقي (1/ 39): «اذكرني
في
نفسك أذكرك في نفسي».
نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 190