نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 13
قالوا: كيف يصحّ ذلك و الملائكة خلقت من نوروَ خَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ
[55/ 15]؟
فأجيب بأنّه كالتمثيل لما ذكر، فإنّ المراد بالنور الجوهر المضيء،
أو النار كذلك، غير أنّ ضوئها مكدّر مغمور بالدخان محذور عنه بسبب ما يصحبه من فرط
الحرارة و الإحراق، فإذا صارت مهذّبة مصفاة كانت محض نور، و متى نكصت عادت الحالة
الاولى جذعة، و لا تزال تتزايد حتى ينطفي نورها و يبقي الدخان الصرف.
و هذا أشبه بالصواب و أوفق للجمع بين النصوص. و قد مرّ كلام كلّ من
الفريقين في الفواتيح مستقصى.
و اعلم أن لا شبهة لأحد في أن الملك و الشيطان متخالفي اللوازم و
الآثار الذاتيّة. كيف! و أحدهما بطباعه ملهم الخير و الطاعات؛ و الثاني بطباعه
موسوس الشرور و المعاصي. و اختلاف اللوازم و الآثار الذاتيّة دليل اختلاف
الملزومات و المؤثّرات بالذات.
نعم- كلا الجنسين متّفقان في أنّهما روحانيان غائبان عن الأبصار و
الحواسّ لا نراهما و قبيلهما إلّا عند تجسّمها و تمثّلهما بصورة من الصور، بل
وجودهما كوجود الموجودات الاخرويّة لا ينكشف على أبصارنا إلّا عند غيبوبتنا عن هذا
العالم- كما يقع للمكاشفين- أو لفساد مزاج البدن بواسطة غلبة اليبوسة على الدماغ
يتعطّل بها الحواسّ عن الشواغل، فتستولى قوّة الخيال على المحاكاة الخياليّة- كما
للممرورين أو بواسطة تمثّلهما في العين، او تصوّرهما بصورة محسوسة جسمانيّة.
و الظاهر من الأخبار و الآثار إن مواطن الملائكة عالم السموات و
درجاتها على سبيل التعلّق و المباشرة، و أمّا تعلّقها بعالم الأرضيّات فعلى سبيل
الامداد و الاستخدام للقوى الأرضية، و إن مواطن الشياطين و الجنّ عالم الأرضيّات
على سبيل التعّلق و المباشرة.
و أمّا عالم السماء فلها اجتيازات على نهج العبور و الاستراق للسمع-
دون
نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 13