نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 7
و كلّما كان الرجل أفضل و أجلّ، و مقامه أعلى و أكمل، كان شيطانه
أقوى و أغوى و أضلّ و له في لطائف الحيل وجوه أدقّ و أخفى، و عن طريق الاستقامة
أعوج، و عن سنن الاهتداء أميل، و عن رؤية الحقّ أحول و لما كان مقام قراءة الوحي و
سماع الآيات أجلّ المقامات وقع الأمر بالاستعاذة باللّه فيه عن شيطان معروف بالبعد
و الطرد عن جناب الأحديّة فلهذا صار منعوتا بصيغة المبالغة في المرجوميّة.
اشارة كشفيه [يجب الاستعاذة دائما]
قد انكشف لأرباب البصائر النورية إنّ هذا البدن بحسب مشاعره و روازنه
يشبه الجحيم و أبوابه، و انكشف إنّه جلس على أبواب هذا الجحيم تسعة عشر نوعا من
الزبانية و هي الحواسّ الخمس الظاهرة، و الخمس الباطنة، و قوّتا الشهوة و الغضب و
القوى السبع الطبيعية و كلّ واحدة من هذه التسعة عشر و إن كان واحدا بالجنس، إلّا
إنّه يدخل تحت كل واحدة منها أفراد لا نهاية لها بحسب الشخص و العدد و اعتبر ذلك
في القوّة الباصرة فإن الأشياء التي تقوى الباصرة على إدراكها أمور غير متناهية، و
يحصل من إبصار كل واحد منها أثر خاصّ في القلب، و ذلك الأثر يجرّ القلب عن أوج
عالم الروحانيّات إلى حضيض عالم الجسمانيّات. و إذا عرفت ذلك ظهر انّ مع كثرة هذه
العلائق و العوائق كيف يتيسّر للقلب خلاص عن هذه الظلمات الشاغلة له عن عالم
الأنوار الإلهيات إلّا باعانة اللّه و إغاثته و جذبه. و لهذا قيل: جذبة من جذبات
الحقّ توازي عمل الثقلين.
و لمّا ثبت انّه لا نهاية لجهات نقصانات العبد و درجات فقره و فتوره
و قصوره، كما لا نهاية لكمال رحمة اللّه و قدرته و مبالغ عنايته و حكمته ثبت انّ
الاستعاذة باللّه واجبة في كلّ الأوقات عقلا، كما يجب سمعا فيجب علينا في أول كل
قول و عمل، و مبدأ كل لفظة و لحظة أن نقول ضميرا او لسانا: أعوذ باللّه من
الشّيطان الرجيم.
نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 7