نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 5
الوجه الثاني إنّ الشيطان إنّما وصف بكونه مرجوما لأنه تعالى أمر
الملائكة برمي الشياطين بالشهب الثواقب طردا لهم من عالم السماوات، ثم وصف بذلك
كلّ شرير متمرّد.
و أما ما يتعلّق بالمقاصد العقلية في هذا المقام من الكلام فالبحث
عنه يعتمد على خمسة أركان: الاستعاذة و المستعيذ. و المستعاذ به. و المستعاذ منه.
و ما يستعاذ لأجله.
فالركن الأول
في البحث عن مهيّة الاستعاذة و ما يلتصق بها. و فيه إشارات:
إحداها إنّ الاستعاذة لا تتمّ الا بعلم و حال و عمل. أمّا العلم فهو
علم العبد بنفسه و بكونه عاجزا عن جلب المنافع و دفع المضارّ الدينية و الدنيوية،
و بكون اللّه قادرا عليهما لا يقدر أحد سواه على ذلك. و إذا حصل هذا الإعتقاد في
القلب تولد فيه حالة- و هي انكسار و تواضع له- و يعبّر عن تلك الحالة بالتضرّع إلى
اللّه و الخضوع له. و إذا حصل ذلك حصلت صفة اخرى في القلب و صفة في اللسان. فالّتي
في القلب أن يصير العبد ملتجئا إلى اللّه، مريدا لأن يصونه عن الآفات، و يخصّه
بإفاضة الخيرات و الحسنات. و أمّا الّتي في اللسان و هي أن يصير طالبا لذلك بلسانه
معبّرا به عمّا في جنانه. و ذلك هو الاستعاذة و هي قوله: أعوذ باللّه.
إذا عرفت هذا ظهر لك انّ العمدة في الاستعاذة باللّه هو علم العبد
بنفسه و بربّه.
فما لم يعرف أحد عزّة الربوبيّة و ذلّة العبودية لا يصح منه
الاستعاذة باللّه و الذي يوضح ذلك إنّ الصادر عن العبد إما العمل و إما العلم و هو
في كلا البابين في غاية العجز. أما العلم فما أشدّ
نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 5