الجملة معطوفة إمّا على: يكذبون، و إمّا على: يقول آمنّا، فيكون
التقدير: و من الناس من إذا قيل لهم. و الأول أولى و القائل هو اللّه تعالى أو
الرسول صلّى اللّه عليه و آله أو بعض المؤمنين و لكلّ قائل و الكلّ محتمل.
و الأقرب إنّ القائل لهم من شافههم ممّن يختصّ بالدين و النصيحة و
كثيرا ما كان المنافقون إذا عوتبوا عادوا إلى إظهار الإسلام و الندم و كذّبوا
الناقلين عنهم و حلفوا باللّه عليه كما أخبر تعالى عنهم في قولهيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَ
لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ
[9/ 74] و قال:يَحْلِفُونَ
لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ
[9/ 96].
و ما روي
[1]
عن
سلمان «إنّ أهل هذه الآية لم يأتوا بعد» فلعلّه أراد به إنّ
أهله ليس مقصورا على الذين كانوا فقط بل و سيكون من بعد من كان حالهم هذا الحال
لأن الآية متّصلة بما قبلها بالضمير الذي فيها.
و الفساد عبارة عن خروج الشيء عن كونه منتفعا به، و نقيضه: الصلاح،
و قد يطلق على زوال الصورة و نقيضه: الكون، و أما كون الفساد فسادا في الأرض
فيستدعي أمرا زائدا و فيه أقوال:
أحدها: قول ابن عباس و الحسن و قتادة و السدي: إنّ المراد به إظهار معصية
اللّه.
و تقريره ما ذكره القفّال و هو إنّ إظهار معصية اللّه إنّما كان
فسادا في الأرض لأن الشرائع الإلهية سنن و طرق موضوعة بين العباد فإذا تمسّكوا بها
زال العدوان و لزم كلّ أحد شأنه