اتّفق المفسرون على أن ذلك وصف المنافقين، و هم الذين آمنوا بأفواههم
و لم تؤمن قلوبهم.
و اعلم إنّ الناس بحسب العاقبة، ستّة أصناف، لأنّهم إمّا سعداء و هم
أصحاب اليمين، و إما أشقياء و هم أصحاب الشمال، و إمّا السابقون المقرّبون. قال
اللّه تعالىوَ كُنْتُمْ
أَزْواجاً ثَلاثَةً [56/ 7] الآية.
و أصحاب الشمال إما المطرودون الذين حقّ عليهم القول و هم أهل الظلمة
و الحجاب الكلّي المختوم على قلوبهم أزلا كما قال تعالى:وَ لَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَ
الْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها الآية [7/ 179] و
في الحديث الإلهي الربّاني المتّفق عليه نقلا [1]: هؤلاء خلقتهم للنار و لا أبالي.
و أما المنافقون الذين كانوا مستعدّين بحسب الفطرة، قابلين للنور في
الأصل و النشأة لكن احتجبت قلوبهم بالرين المستفاد من اكتساب الرذائل و ارتكاب
المعاصي و مباشرة الأعمال البهيميّة و السبعيّة و مزاولة المكائد الشيطانيّة حتى
رسخت الهيئات الغاسقة و الملكات المظلمة في نفوسهم و ارتكمت على أفئدتهم فبقوا
شاكّين حيارى تائهين قد حبطت أعمالهم و انتكست رؤوسهم، فهم أشدّ عذابا و أسوء حالا
من الفريق الأوّل، لمنافاة مسكة استعدادهم لحالهم و الفريقان هم أهل الدنيا.
[1] جاء ما يقرب منه في البحار: 5/ 230 و 253. المسند 5/ 239 و
68.
نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 378