نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 249
اشارة فيها انارة [ماهية الايمان و انه مجرد العلم و التصديق]
اعلم إنّ الايمان و سائر مقامات الدين و معالم شريعة سيد المرسلين
عليه و آله السلام، إنّما ينتظم من ثلاثة امور: معارف و أحوال و أعمال. فالمعارف
هي الأصول، و هي تورث الأحوال، و الأحوال تورث الأعمال. أما المعارف فهي العلم
باللّه و صفاته و أفعاله و كتبه و رسله و اليوم الآخر. و أما الأحوال فكالانقطاع
عن الأغراض الطبيعيّة و الشوائب النفسانيّة و الوساوس العاديّة، كالشهوة و الغضب و
الكبر و العجب و محبّة الجاه و الشهرة و غير ذلك. و أما الأعمال فكالصلاة و الزكاة
و الصوم و الطواف و الجهاد و فعل ما أمر اللّه به و ترك ما نهى عنه.
فهذه الثلاثة إذا قيس بعضها إلى بعض، لاح للناظرين إلى الأشياء
بالنظر الظاهر المقتصرين على إدراك النشأة الحسيّة، إنّ العلوم تراد للأحوال، و
الأحوال تراد للأعمال، فالأعمال هي الأصل عندهم و الأفضل في نظرهم.
و أما أرباب البصائر، المقتبسين أنوار المعرفة من مشكوة النبوّة لا
من أفواه الرجال، المستفيضين أسرار الحكمة الحقّة من معدن الوحي و الرسالة، لا من
مقارعة الأسماع بالقيل و القال، فالأمر عندهم بالعكس من ذلك. فإنّ الأعمال تراد
للأحوال، و الأحوال للعلوم فالأفضل العلوم، ثمّ الأحوال، ثمّ الأعمال. فإنّ لوح
النفس كالمرآة، و الأعمال تصقيلها و تطهيرها، و الأحوال صقالتها و طهارتها، و
العلوم صورها المرتسمة فيها.
فنفس الأعمال لكونها من جنس الحركات و الانفعالات تتبعها المشقّة و
التعب، فلا خير فيها إذا نظر إليها لذواتها. و نفس الأحوال لكونها من قبيل الأعدام
و القوى فلا وجود لها، و ما لا وجود له فلا فضيلة فيه، و إنّما الخير و الفضيلة
لما له الوجود الأتمّ و الشرف الأنور، و هي الموجودات المقدّسة و المعقولات
الصورّية المجرّدة عن التغيّر و الزوال
نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 249