في الكشّاف
[1]:
الذين
يؤمنون إمّا موصول بالمتّقين على أنّه صفة مجرورة، أو مدح منصوب أو مرفوع بتقدير:
أعني الذين يؤمنون، أو: هم الذين يؤمنون.
و إمّا منقطع عن المتّقين مرفوع على الابتداء مخبر عنه بأولئك على
هدى.
فإذا كان موصولا كان الوقف على المتقين حسنا غير تامّ، و إذا كان
منقطعا كان وقفا تامّا. انتهى.
و اعلم إنّه على تقدير كون «الذين» مع ما يليه متّصلا بالمتقين و صفة له فإن كان
المراد بالتقوى ترك ما لا ينبغي فهو يكون صفة مقيدة له مترتبة عليه ترتّب الفعل
على القوّة، و توقّف التحلية على التخلية و التصوير على التطهير.
فإنّ النفس الإنسانيّة كاللوح القابل لنقوش العلوم الحقة، و هي
الايمان باللّه و اليوم الآخر و الأخلاق الفاضلة التي هي مبادئ الأفعال الحسنة،
كالصلوة و الزكاة.
فيجب تطهيره أولا بالتقوى عن النقوش الفاسدة حتّى يمكن إثبات النقوش
الجيّدة فيه، و يستقرّ حصول الأوصاف الحسنة عليه. فلهذا السبب قدّم ذكر التقوى و
هو ترك ما لا ينبغي، ثمّ ذكر بعده فعل ما ينبغي و هو الايمان و الطاعة.
و إنّ فسّر التقوى بما يعمّ فعل الطاعات و ترك المعاصي، فيكون صفة
موضحة للمتّقين، و ذلك لاشتماله على ما هو أصل الأعمال الصالحة، كالايمان باللّه و
ملكوته، فإنّه من امّهات الأعمال القلبيّة، و على ما هو أساس الحسنات كالصلوة و
الزكاة فإنّهما من