نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 172
فصل في نظم هذه السورة و ترتيبها
إنّ العاقل الفهم المميّز لما نظر في وجودات هذا العالم و علم
بالمشاهدة و القياس افتقار بعضها إلى بعض، تحقّق و تيقّن إنّها في سلسلة الحاجة
منتهية إلى موجود قديم قادر يفعل الخيرات كلّها و يرحم على خلقه في الآخرة و
الاولى فابتدأ بآية التسمية تبرّكا و استفتاحا باسمه و اعترافا بإلهيّته و
استرواحا إلى ذكر فضله و رحمته و كرمه و رأفته.
و لمّا كان الاعتراف بالحقّ و العلم باللّه الفرد الأحد الذي هو مبدأ
الخيرات كلّها و فاتح المهمات جلّها نعمة جليلة، اشتغل بالشكر له و الحمد فقال:
الحمد للّه و لما رأى سراية نور التوحيد و نفوذ رحمة الوجود على غيره واضحة بنور
الحجّة و البرهان كما شاهد آثارها على نفسه لائحة بقوّة الكشف و العيان، عرف انّه
ربّ الخلائق أجمعين فقال: ربّ العالمين.
ثمّ لما رأى شمول فضله للمربوبين ثابتا بعد إفاضة أصل الوجود عليهم،
و عموم رزقه للمرزوقين حاصلا بعد إكمال الصورة في أطوار الخلقة لهم قال: الرحمن.
فلما رأى تفريطهم في حقّه و واجب شكره، و تقصيرهم في عبادته و
الانزجار عند زجره و اجتناب نهيه و امتثال أمره و إنّه تعالى يتجاوز بالغفران، و
لا يؤاخذهم عاجلا بالعصيان و لا يسلبهم نعمه بالكفران، قال: الرحيم.
و لما رأى ما بين العباد من التباغي و التظالم و التكالم و التلاكم و
أن ليس بعضهم من شرّ بعضهم بسالم علم إنّ وراءهم يوما ينتصف فيه للمظلوم من الظالم
فقال: مالك يوم الدّين.
و إذا عرف هذه الجملة فقد علم إنّ له خالقا رازقا رحيما يحيي و يميت
و يبدئ
نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 172