نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 144
و فيه موضع تأمّل كما لا يخفى على من عرف العرف.
و يتّجه لأحد أن يقول: إنّ المغضوب عليهم هم العصاة و الفسقة. و
الضّالّين هم الجهّال و الكفرة لأنّ المهتدى بنور الحقّ إلى الصراط المستقيم و
الفائز بكرامة الوصول إلى النعيم، من جمع اللّه له بين تكميل عقله النظري بنور
الايمان و تكميل عقله العملي بتوفيق العمل بالأركان فكان المقابل له في الجملة من
اختلّ إحدى كريمتيه و قوّتيه العاقلة و العاملة فالمخلّ بالعمل فاسق مغضوب عليه
لقوله تعالى في القاتل عمدا:
وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ
[4/ 93]، و المخلّ بالعلم و الإدراك للحقّ جاهل كافر لقوله تعالىفَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا
الضَّلالُ [10/ 32].
و إنما لم يقل: غير الذين غضبت عليهم، على وفاق: الذين أنعمت عليهم،
ترجيحا لجانب النعمة على جانب النقمة بنسبة الفعل إليه تعالى في الاولى صريحا و في
الثانية بخلاف ذلك كما هو دأب كرمه و جري عادته في سوق كلامه المجيد مثل قوله
تعالى:
لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ
عَذابِي لَشَدِيدٌ [14/ 7] حيث لم يقل:
لاعذبنّكم في مقابلة «لأزيدنّكم» و مراعاة للأدب في الخطاب و اختيارا لحسن اللفظ
المستطاب.
مكاشفة [استعارة الألفاظ للايصال الى المعاني العرفانية]
اعلم إنّ تمام التحقيق في هذه الآية يحتاج إلى الاستمداد من بحر عظيم
من بحار علوم المكاشفة، فنقول على طبق ما حقّقه صاحب البصيرة المكحّلة بنور
الهداية [1]: إنّ للّه في
جلاله و كبريائه صفة بها يفيض على الخلق نور حكمته وجوده تكوينا و اختراعا
[1] يشير المصنف الى الشيخ ابن العربي و ما يورده ملتقطات من
بعض أبواب الفتوحات منها باب 371 و 372.
نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 144