عن غيره إليه تعالى كما أوضح ذلك بما بعده مع غلبة الرجاء كما نبّه
عليه قبله على أنّ المالك لا يضيع مملوكه و لا الملك رعيّته.
تنوير الحوالك عن الهروي في كتاب ذم الكلام و اللفظ فيه لا البس
مكان لا أشوب و مثله بلفظ لا ألبس في فجر الإسلام ص 221 و حكاه في الإضواء ص 43
أيضا عن البيهقي في المدخل بلفظ لا البس و مثله في تدريب الراوي ص 287.
و عدم استناد ابى بكر في إحراق ما كتب بنفسه و لا عمر في النهي عن
الكتابة و الأمر بمحو ما كتب منه دليل على عدم صحة حديث ابى سعيد الماضي أو كونه
منسوخا أو مؤولا كما تقدم و الا لاستند في المنع الى نهى النبي صلّى اللّه عليه و
آله عنه، و على اى فلأجل هذا المنع من عمر و التشدد الصادر عنه في أمر كتابة
الحديث تسبب انه لم يمكن للصحابة و من بعدهم ان يرووا الحديث بعين لفظ النبي (ص)
إذ لم يمكنهم حفظ عين اللفظ و العبارة.
روى ابن عبد البر في جامع بيان العلم ج 1 ص 96 عن مكحول انه قال:
دخلت انا و أبو الأزهر على واثلة بن الأسقع فقلنا يا أبا الأسقع حدثنا بحديث سمعته
من رسول اللّه (ص) ليس فيه وهم و زيادة و لا نقصان قال هل قرء أحدكم من القرآن
الليلة شيئا فقلنا نعم و ما نحن بالحافظين له حتى انا لنزيد الواو و الالف فقال
هذا القران مذ كذا بين أظهركم لا تألون حفظه و انكم تزعمون أنكم تزيدون و تنقصون
فكيف بأحاديث بمعناها عن رسول اللّه عسى ان لا أكون سمعناها منه الإمرة واحدة
حسبكم إذا حدثتكم بالحديث على المعنى و رواه في تدريب الراوي ص 312 و الكفاية
للخطيب ص 204.
و في الجامع أيضا ج 1 ص 95 عن ابن سيرين قال كنت اسمع الحديث من
عشرة اللفظ مختلف و المعنى واحد و مثله في الكفاية ص 206 و فيه أيضا عن معمر عن
أيوب عن محمد قال كنت اسمع الحديث من عشرة المعنى واحد و اللفظ مختلف.
و ظل الأمر كذلك لا يكتب الحديث في عصر الصحابة و صدرا من عصر
التابعين حتى كان خلافة عمر بن عبد العزيز رأس المائة الثانية روى البخاري في كتاب
العلم باب كيف يقبض العلم ص 204 ج 1 فتح الباري: و كتب عمر بن عبد العزيز الى ابى
بكر بن حزم:
انظر ما كان من حديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فاكتبه فانى
خفت دروس العلم و ذهاب العلماء و لا يقبل الا حديث النبي صلّى اللّه عليه و آله و
ليفشوا العلم و ليجلسوا حتى يعلم من لا يعلم فان العلم لا يهلك حتى يكون سرا
انتهى.