تقلب في الوثنية و الإيمان بحسب الأزمنة و الملوك و بقي اسمهم و
عنوان الموسوية و احترام بيت المقدس في اكثر الأزمنة فيهم الى اليوم إنما هم سبط
يهودا و من تبعهم كسبط بنيامين. فصار العنوان لمن ينتمي الى الملة الموسوية هم
الذين هادوا. و ذكر لهذه الصفة وجوه أخر و اللّه العالموَ النَّصارى و هم المنتمون الى اتباع
الرسول عيسى. قيل مفرده نصران و نصرانة و استشهدوا له بقول الشاعر (و هو نصران
شامس) و قول الآخر (كما سجدت نصرانة لم تحنف) و قيل في وجه التسمية انه من النصرة
لقول المسيحمَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ
أَنْصارُ اللَّهِ كما في سورتي آل عمران و الصف. و قيل نسبة الى الناضرة قرية من بلاد
الجليل في فلسطين نشأ فيها المسيح و كان يسمى الناصري فلحق المنتمين الى اتباعه
هذا اللقب و اللّه العالموَ الصَّابِئِينَ قيل فيهم اقوال كثيرة و
الظاهر ان منهم الصابئة الموجودين فيما بين البصرة و بغداد و لعلهم شعبة من اليهود
امتازوا بديانة سرّية و ربما عرف من بعضهم انهم ينتمون الى اتباع يحيى بن زكريا.
و لهم في ديانتهم ولع شديد بالماء و عناية بأمرهمَنْ آمَنَ من هؤلاءبِاللَّهِ بحقيقة الإيمان به في
الإخلاص بتوحيده في الإلهية و ما له جل شأنه من صفات الجلال و الجمالوَ الْيَوْمِ
الْآخِرِ
على حقيقة الإيمان بالمعاد الجسماني و الجنة و النار و الحساب و
الجزاء و ما ذكر في القرآن الكريم في شأن اليوم الآخر. و من كان كذلك لم يتمرّد
على آيات اللّه و دلائله و لم تأخذه نخوة القومية بل يتفانى في طلب الحق و لا
تأخذه فيه لومة لائم او نزعة أهواءوَ عَمِلَ
صالِحاً على حقيقة الشريعة المقدسة و لا يخفى ان الإيمان برسول اللّه محمّد
(ص) و بما جاء به لازم لحقيقة الإيمان المذكور و العمل الصالح. ألا ترى اقلا ان
حقيقة الإيمان بالمعاد و اليوم الآخر على ما جاء في القرآن الكريم لا توجد عند
فرقة من الفرق فضلا عن الإيمان باللّه و ما له من الجلال و القدس و الوحدانية حق
الإيمانفَلَهُمْ أَجْرُهُمْ و جزاؤهم معدّعِنْدَ
رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ في الآخرةوَ لا هُمْ
يَحْزَنُونَ
و خبر «ان» اما جملة من آمن مع جزائها و اما جملة فلا خوف. و يكون من آمن بدلا
من اسم ان و المعطوف عليه و دخلت الفاء على الخبر لأجل تضمن «من» معنى الشرط و لعل الأول
اظهر. و قد روعي في «من» لفظها في آمن. و عمل. و معناها في «لهم»