حديثهم. و تلاوتهم بحيث لا يبقى بهم ادنى وثوق في ذلك [1] هذا في وجهة الاعجاز الذي تقوم به الحجة على العرب. و ان للقرآن
المجيد ايضا وجوها من الإعجاز مما يشترك في معرفتها كل بشر ذي رشد إذا اطلع عليها.
و هي عديدة نشيرا إلى بعض منها في هذا المختصر
اعجازه من وجهة التاريخ
لا نقول بذلك بمحض اخباره عن الحوادث الماضية و الأمم الخالية و إن
كان رسول اللّه الذي جاء به لا يقرأ و لا يكتب و لم يدخل مدرسة و لم يمارس تعلما.
كما هو المعلوم من تاريخ حياته (ص). فإنه يمكن ان يقال ان هذا الإخبار المذكور
ممكن في العادة لنوع البشر و ان كان معرضا للعثرات التي لا تقال. بل نقول ان
القرآن الكريم اشترك في تاريخه في بعض القصص مع التوراة الرائجة التي اتفق اليهود
و النصارى على انها كتاب اللّه المنزل على رسوله موسى فأوردت هذه التوراة تلك
القصص و هي مملوءة من الخرافات أو الكفر أو عدم الانتظام الذي تشابه فيه كلام
المبتلى بالبرسام: فمن ذلك قصة آدم في نهي اللّه له عن الأكل من الشجرة و ما فيها
من الخرافات و الكفر بنسبة الكذب و الخداع إلى اللّه جلّ و علا و سائر شؤون القصة
على ما جاء في الفصل الثالث من سفر التكوين: و من ذلك ما جاء في الفصل الخامس عشر
منه من شك ابراهيم في وعد اللّه له بإعطائه الأرض في سوريا و من ذكر العلامة في
ذلك: و من ذلك ما جاء في الفصل الثامن عشر و التاسع عشر في مجيء الملائكة إلى
ابراهيم بالبشرى باسحاق و اخباره بأمر هلاك قوم لوط و من حكاية ذهابهم إلى لوط و
خطابهم معه. و من ذلك ما جاء في الفصل الثالث من سفر الخروج في خطاب اللّه لموسى
من الشجرة و في أواخره ما حاصله ان اللّه جل شأنه افتتح الرسالة لموسى بالتعليم
بالكذب: و من ذلك ما جاء في الفصل الثاني و الثلاثين في سفر الخروج في ان هارون هو
الذي عمل العجل ليكون إلها لبني إسرائيل و دعى لعبادته و بنى له رسوم العبادة فانظر
إلى هذه القصص في مواردها المذكورة من التوراة الرائجة- و القرآن الكريم أورد
القصة الأولى في سورتي الأعراف و طه- و الثانية في أواخر سورة البقرة- و الثالثة
في سورتي هود و الذاريات- و الرابعة في سور طه و النمل و القصص-
[1] فانظر في الجزء الأول من كتاب الهدى
في صفحة 123 128 و الجزء الاول من الرحلة المدرسية في صفحة 37 و 38.