(اهْدِنَا الصِّراطَ
الْمُسْتَقِيمَ) الهداية تستعمل في الإرشاد إلى الطريق و الدلالة على الخير كقوله
تعالى في سورتي فصلت 6وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى و الشورى 52وَ إِنَّكَ
لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ و تستعمل في الإيصال
بالتوفيق و التسديد كقوله تعالى في سورة القصص 50إِنَّ اللَّهَ لا
يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ- 56إِنَّكَ
لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ و النساء 70وَ
لَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً و الأنعام بعد ذكر عدة من
الأنبياء 87وَ هَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ و هذا المعنى هو الظاهر و
المراد من الآية حتى إذا كانت سورة الفاتحة أول ما نزل من القرآن الكريم. و
الهداية تتعدى إلى المهدي اليه بنفسها و بإلى. و الصراط هو الطريق و المستقيم ما
لا انحراف فيه و لا اعوجاج و هو أقرب نهج موصل إلى المقصود. و يكون سالكه أبعد من
الضلال و خوفه. و على بصيرة من أمره من أول سلوكه إذ يتضح منه منار الحق و بشائر
الوصول من أول الإقبال اليه. و في حديث الجمهور كما في الدر المنثور انه في الآية
كتاب اللّه. أو الإسلام او رسول اللّه و صاحباه بعده. و في تفسير البرهان عن تفسير
وكيع بن الجراح مسندا عن ابن عباس في قوله تعالى اهدنا الصراط المستقيم قال قولوا
يا معاشر العباد أرشدنا الى حب محمد و اهل بيته. و عن تفسير الثعلبي مسندا عن أبي
بردة قال صراط محمد (ص) و اهل بيته.
و في روايات الإمامية انه امير المؤمنين. او انه الأئمة. و كلما صح
من ذلك فهو من باب النص على احد المصاديق او أظهرهاصِراطَ
الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ بالتوفيق و السداد فنعموا
بالوصول و فازوا بالزلفىغَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ لأنهم عاندوا الحق بعد ما
استنار صبح الإرشاد و وضحت الدلالة و قامت الحجة فاستوجبوا بذلك غضب اللّه. و كلمة
غير مجرورة على انها صفة للذين.
و في الحديث و الروايات ان المغضوب عليهم
هم اليهود أو النواصب.
و ما صح من ذلك فهو من باب النص على بعض المصاديقوَ لَا
الضَّالِّينَ بجهلهم و تقصيرهم عن طلب الحق و معرفته مع وضوح الدلالة و قيام الحجة
و جيء بكلمة «لا» مع الضالين لأجل الاستقصاء في التعوذ من الفريقين المغضوب عليهم و
الضالين