اضطرب كلامه و تفسيره في كلمة واحدة تكررت في القرآن الكريم على نحو
واحد و هو قوله تعالىفَلا أُقْسِمُ ففي سورة الواقعة في قوله تعالىفَلا أُقْسِمُ
بِمَواقِعِ النُّجُومِ وَ إِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ قال فأقسم و ان «لا» مزيدة مثلها في قولهلِئَلَّا
يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ و في قوله تعالىلا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ وَ لا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ
اللَّوَّامَةِ قال إدخال لا النافية على فعل القسم مستفيض في كلامهم و أشعارهم قال
امرؤ القيس.
(و لا و أبيك ابنة العامري
لا
يدعي القوم اني افر)
و قال غوية بن سلمة.
(ألا نادت امامة باحتمال
لتحزنني
فلا بك لا ابالي)
و فائدتها توكيد القسم و قالوا انها صلة اي زائدة مثلها فيلِئَلَّا
يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ و قال في ذلك كلاما فيه ما فيه و قال و الوجه ان يقال هو للنفي و
المعنى في ذلك انه لا يقسم بالشيء إعظاما له يدلك عليه قوله تعالىفَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ
النُّجُومِ وَ إِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ فكأنه بإدخال حرف النفي
يقول ان اعظامي له باقسامي به كلا إعظام يعني ان يستأهل فوق ذلك انتهى.
و مقتضى بيانه هذا ان يقول إعظاما للمقسم به فإنه أوضح للبيان من
مثله. و ليته لم يخلط بين دخول «لا» على فعل القسم كما في الآيتين و بين دخولها على حرف القسم كما في
بيتي امرء القيس و غوية و غيرهما مما لا يقع جوابه إلا منفيا فإنه واضح الظهور في
ان «لا» فيه نافية موطئة لنفي الجواب لتأكيده و سبيلها سبيل قوله تعالى في
سورة النساء 68فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ. و في سورة الحاقة في قوله
تعالىفَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ وَ ما لا تُبْصِرُونَ قال اقسام بالأشياء كلها.
و في سورة البلد فى قوله تعالىلا أُقْسِمُ
بِهذَا الْبَلَدِ قال اقسم بالبلد الحرام و لم يقل شيئا في قوله تعالىفَلا أُقْسِمُ في سورة المعارج و التكوير
و الانشقاق. و من شواهد ذلك ما سمعته هنا عن صاحب الكشاف في قوله تعالىلِئَلَّا
يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ من ان «لا» في لئلا مزيدة و صرّح ايضا بذلك في تفسير سورة الحديد حيث قاللِئَلَّا
يَعْلَمَ
ليعلم- و وافقه على ذلك جماعة فاغتنم اعداء القرآن الكريم من ذلك
فرصة فاعترضوا على القرآن بأنه مشتمل على الزيادة اللغوية و لكن الجزء الأول من
كتاب الهدى صفحة 350 و 355 أوضح البطلان في زعم الزيادة كما عليه جماعة من ان
المعنى. ان اللّه وعد الذين آمنوا و يتقون اللّه و يؤمنون برسوله ان يؤتيهم كفلين
من رحمته و يجعل لهم نورا يمشون به و يغفر لهم و من فوائد ذلك و غاياته ان لا يعلم
اهل الكتاب ان الذين آمنوا لا يقدرون على شيء من فضل اللّه و لأن الفضل بيد اللّه
الآية و ليت شعري لماذا لا تنزه جلالة القرآن المجيد و براعته عن لغوية هذه