فلا مناص عما ذكرناه من التفسير و يكون عموم الخطاب باعتبار من يدرك
دعوة الرسول الثاني من الأمم و هكذا. و ان رسول اللّه محمد خاتم النبيين (ص) هو
اظهر افراد الرسل في هذا الميثاق لتكرر البشرى به في كتبهم بشرى تشرف على الصراحة
في تعيينه بأقرب ما يفهمه البشر الجاهل بالغيب في تعيين من يأتي في المستقبل. و
لظهور الدليل على رسالته و كتابه و بقائه في جميع الأزمان و هو القرآن الكريم و
دلائل الرسالة فيه كما أشرنا اليه في الفصل الأول من المقدمة. و من نصره (ص) نصر
من هو نفسه و وصيه في أمته و من هو منه بمنزلة هارون من موسى و صاحب عهد الغدير و
وصية الثقلين و غير ذلك عليّ عليه السلام، و على هذا الوجه ينزل بعض ما جاء في ذلك
من الرواياتقالَ أي اللّه جل اسمه للنبيينأَ
أَقْرَرْتُمْ بذلك بين الأمم في تبليغكم إياه لهموَ أَخَذْتُمْ على أممكمعَلى ذلِكُمْ
إِصْرِي
اي عهدي و ميثاقيقالُوا أي النبيونأَقْرَرْنا بذلك بين اممنا و باعتبار ان
قولهم هذا جواب للاستفهام التقريري ينحل إلى قولهم أيضا و أخذنا عليهم على ذلك
عهدك و اصركقالَ اللّه للنبيينفَاشْهَدُوا على أممكم بهذا الميثاق
وَ أَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ 78 فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ
ذلِكَ من الأمم عن هذا الميثاق و اعرض عنه و كفر بمن يأتي من الرسل و خصوص
خاتمهم البينة حججه و الساطع برهانه و العام الباقي معجزهفَأُولئِكَ المتولونهُمُ
الْفاسِقُونَ الخارجون عن حجاب الايمان و الطاعة 79أَ فَغَيْرَ
دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ بتوليهم عن عهد اللّه و دين الحق الإيمان باللّه و رسوله و كتابه و
بمحادتهم للّه بهذا التولي و خروجهم عن طاعته و هذا الاستفهام انكار عليهم و تسفيه
لهم و الحجة قوله تعالىوَ لَهُ أَسْلَمَ اي و الحال انه جل شأنه
دخل في سلمه و انقاد اليهمَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ من الملائكة و الانس و
الجنطَوْعاً وَ كَرْهاً بفتح الكاف قيل انه من
الكراهية أي طائعين و كارهين. و قيل من الإكراه اي طائعين و مكرهين. كظاهر قوله
تعالى في سورة النساء 23لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً أي اكراها. و الثاني هو
المناسب في الآية للمقابلة بالطوع و هو مقتضى الروايات المذكورة في تفسيري البرهان
و الدر المنثور عن