responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 9  صفحه : 98

وهذا في غاية المكر والخزي. وقال تاج الدين السبكي المتوفى سنة 771 ه 1369 م أنه لما توفي المستنصر بالله كان أكبر الأمراء وأعظمهم الدويدار والشرابي وهم الذين اثروا المستعصم لضعفه ولينه وأقاموه واستوزروا ابن العلقمي وكان فاضلا أديبا وكان شيعيا رافضيا في قلبه غل على الاسلام وأهله وحبب إلى الخليفة جمع المال والتقليل من العساكر فصار الجنود يطلبون من يستخدمهم في حمل القاذورات ثم كرر الكاتب المذكور رواية مكاتبة ابن العلقمي للتتار وعزا ذلك إلى رغبته في الانتقام من الأمير أبي بكر ابن الخليفة والدويدار قائد الخليفة لأنهما أوقعا بالكرخ ووصف طريقة مكاتبة التتار بما يأتي: أنه حلق رأس شخص وكتب عليه بالسواد وعمل على ذلك وأصار المكتوب كل حرف كالحفرة في الرأس ثم تركه عنده حتى طلع شعره وأرسله إليهم. وأضاف السبكي إلى ذلك قوله أن الوزير كتب إلى نائب الخليفة في أربيل تاج الدين محمد بن الصلايا وهو شيعي أيضا رسالة يقول فيها: نهب الكرخ المكرم والعترة النبوية وحسن التمثيل بقول الشاعر:
أمور تضحك السفهاء منها * ويبكي من عواقبها اللبيب فلهم أسوة بالحسين حيث نهب حريمه وأريق دمه.
امرتهم أمري بمنعرج اللوى فلم يستبينوا الرشد الا ضحى الغد وقد عزموا لا أتم الله عزمهم ولا أنفذ أمرهم على نهب الحلة والنيل بل سولت لهم أنفسهم أمرا فصبر جميل والخادم قد أسلف الإنذار وعجل لهم الاعذار.
فكان جوابي بعد خطابي لا بد من الشنيعة بعد قتل جميع الشيعة ومن احراق كتاب الوسيلة والذريعة فكن لما تقول سميعا والا جرعناك الحمام تجريعا ولآتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولأخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون.
ووديعة مني لآل محمد * أودعتها إذ كنت من أمنائها فإذا رأيت الكوكبين تقاربا * في الجدي عند صباحها ومسائها فهناك يؤخذ ثار آل محمد * لطلابها بالترك من أعدائها فكن لهذا الأمر بالمرصاد وترقب أول النحل وآخر الصاد.
وقال عبد الرحمن بن محمد بن خلدون المتوفى سنة 808 ه 1406 م أن هولاكو لما رجع إلى بلاد الإسماعيلية وقصد قلعة الموت بلغته في طريقه وصية من ابن العلقمي وزير المستعصم ببغداد في كتاب ابن الصلايا صاحب أربل يستحثه للمسير إلى بغداد ويسهل عليه أمرها لما كان ابن العلقمي رافضيا هو وأهل محلته بالكرخ وتعصب عليه أهل السنة وتمسكوا بان الخليفة والدويدار يظاهرونهم وأوقعوا باهل الكرخ وغضب ابن العلقمي ودس إلى ابن الصلايا بأربل وكان صديقا له بان يستحث التتر لملك بغداد وأسقط عامة الجند وعند ما نصل إلى أواخر القرن العاشر الهجري نجد أن قصة سقوط بغداد وخيانة الوزير ابن العلقمي تتسع إلى حد غير معقول وتختلط بأقاصيص غريبة على يد الشيخ حسن الديار بكري المتوفى سنة 990 ه 1582 م حيث كتب يقول أن الوزير ابن العلقمي الرافضي كان قد كتب كتابا إلى هولاكو ملك التتار في الدست انك تحضر إلى بغداد وأنا أسلمها لك وكان قد داخل قلب اللعين الكفر فكتب هولاكو أن عساكر بغداد كثيرة فان كنت صادقا فيما قلته وداخلا في طاعتنا فرق عساكر بغداد ونحن نحضر فلما وصل كتابه إلى الوزير دخل إلى المستعصم وقال أن جندك كثيرة وعليك كلفة كبيرة والعدو قد رجع من بلاد العجم والصواب أنه تعطى دستورا لخمسة عشر ألف من عسكرك وتوفر معلومهم فأجابه المستعصم لذلك فخرج الوزير لوقته ومحا اسم من ذكر من الديوان ثم نفاهم من بغداد ومنعهم من الإقامة بها ثم بعد شهر فعل مثل فعلته الأولى ومحا اسم عشرين ألفا من الديوان ثم كتب إلى هولاكو بما فعل وكان قصد الوزير بمجئ هولاكو أشياء منها أنه كان رافضيا خبيثا وأراد أن ينقل الخلافة من بني العباس إلى العلويين فلم يتم له ذلك من عظم شوكة بني العباس وعساكرهم ففكر أن هولاكو قدم يقتل المستعصم واتباعه ثم يعود الحال سبيله وقد زالت شوكة بني العباس وقد بقي هو على ما كان عليه من العظمة والعساكر وتدبير المملكة فيقوم عند ذلك بدعوة العلويين الرافضة من غير ممانع لضعف العساكر ولقوته ثم يضع السيف في أهل السنة فهذا كان قصده لعنه الله ولما بلغ هولاكو ما فعل الوزير ببغداد ركب وقصدها إلى أن نزل عليها وصار المستعصم يستدعي العساكر ويتجهز لحرب هولاكو وقد اجتمع أهل بغداد وتحالفوا على قتال هولاكو وخرجوا إلى ظاهر بغداد ومضى عليهم بعساكره فقاتلوا قتالا شديدا وصبر كل من الطائفتين صبرا عظيما وكثرت الجراحات والقتلى في الفريقين إلى أن نصر الله تعالى عساكر بغداد وانكسر هولاكو أقبح كسرة وساق المسلمون خلفهم وأسروا منهم جماعة وعادوا بالأسرى ورؤوس القتلى إلى ظاهر بغداد ونزلوا بخيمهم مطمئنين بهروب العدو فأرسل الوزير ابن العلقمي في تلك الليلة جماعة من أصحابه فقطعوا شط دجلة فخرج ماؤها على عساكر بغداد وهم نائمون فغرقت مواشيهم وخيامهم وأموالهم وصار السعيد منهم من لقي فرسا يركبها وكان الوزير قد أرسل إلى هولاكو يعرفه بما فعل ويأمره بالرجوع إلى بغداد فرجعت عساكره على بغداد وبذلوا فيها السيف. وأضاف هذا الكاتب رواية جديدة عن مصير ابن العلقمي بقوله: فلم يلبث أن أمسكه هولاكو بعد قتل المستعصم بأيام ووبخه بألفاظ شنيعة معناها أنه لم يكن له خير في مخدومه ولا دينه فكيف يكون له خير في هولاكو ثم إنه قتله شر قتلة.
هذه هي خلاصة النصوص التي وردت باتهام الوزير مؤيد الدين بن العلقمي ومثل هذه التهم ليست غريبة في أيام المحن العامة والكوارث الخطيرة وقد كان سقوط بغداد بأيدي المغول الوثنيين وقتلهم خليفة المسلمين حدثا عظيما هز العالم الاسلامي وترك جرحا عميقا في قلوب المسلمين جعلهم يفتشون عمن كان السبب فيه وكان الوزير شيعيا في وقت كان للدين فيه سيطرة عظيمة على النفوس والمنازعات الطائفية شديد في بغداد، وكان يحتل اسميا المنصب الثاني في دولة الخليفة وأعداؤه يتربصون به الدوائر والأحوال العامة في تدهور والمغول يطرقون أبواب البلاد بدون أن يكون أمامهم استعداد عسكري واضح وقد قتل الخليفة واستبيحت بغداد


[1] ن. م ص 315.
[2] طبقات الشافعية الكبرى ج 5 ص 09 - 112.
[3] العبر وديوان المبتدأ والخبر ج 5 ص 1149.
[4] الشيخ حسن بن محمد بن الحسن الدياربكري تاريخ الخميس في أحوال أنفس نفيس ج 2، ص 420 - 421.
[5] ن. م ص 421.

نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 9  صفحه : 98
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست