responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 9  صفحه : 83

اشتغل بالنحو وعلم الأدب في شبيبته بالحلة على عميد الرؤساء هبة الله بن حامد بن أيوب ثم قدم بغداد وقرأ على أبي البقاء عبد الله بن الحسين العكبري ثم انضم إلى خاله أستاذ دار الخلافة عضد الدين أبي نصر المبارك بن الضحاك وكان شيخ الدولة فضلا وعلما ورئاسة وتجربة فتخلق بأخلاقه وتأدب بآدابه، واستنابه في ديوان الأبنية وشغله بعلم الانشاء إلى أن توفي خاله، فانقطع ولزم داره، واستمر شمس الدين أبو الأزهر أحمد بن الناقد أستاذ الدار فاستدعى مؤيد الدين إلى دار التشريفات وأمره بالتردد إليها في كل يوم ومشاركة النواب بها، فلما نقل أستاذ الدار أحمد بن الناقد إلى الوزارة نقل مؤيد الدين إلى أستاذية الدار فكان على ذلك إلى أن توفي الوزير أحمد بن الناقد فانتقل مؤيد الدين إلى الوزارة ولم يزل على ذلك إلى أن انقضت الدولة العباسية وأقر في الدولة التترية على الوزارة وتغيرت أحواله ولم يتم له ما أراد ولم يظن أن التتر يبذلون السيف مطلقا فإنه راح تحت السيف الرافضة والسنة وأمم لا يحصون وذاق الهوان والذل من التتر وذلك في أول جمادى الآخرة من السنة المذكورة. وقال المؤرخ نفسه في ترجمة أبي المعالي القاسم بن أبي الحديد: ثم استكتبه الوزير نصير الدين أحمد بن الناقد بين يديه إلى آخر أيامه ولما عجز الوزير مؤيد الدين ابن العلقمي أجراه على عادته في الكتابة بين يديه ثم جعله كاتب ديوان الانشاء.
والقارئ يتعجب كل العجب من قول هذا المؤرخ ولم يتم له ما أراد ولم يظن أن التتر يبذلون السيف مطلقا كان ابن العلقمي هو الذي أنشأ الدولة المغولية وألهمها فكرة الفتوح مع أنها كانت تسير بفكرة الفتوح قبل مولد الوزير ابن العلقمي، وكيف لا يعلم أنهم يبذلون السيف وقد اشتهر بذلهم السيف في بلاد المسلمين منذ فتوحاتهم الأولى واجتياحهم البلاد الاسلامية على عهد خوارزمشاه محمد بن تكش سنة 617 ه.
وما دخل ابن العلقمي في حركتهم؟ إنما اتهم بذلك لأنه كان شيعيا ولو كان غير شيعي ما اتهمه أحد، وقال الصفدي: محمد بن محمد بن علي أبو طالب الوزير المدبر مؤيد الدين ابن العلقمي البغدادي الرافضي وزير المستعصم ولي الوزارة أربع عشرة سنة فأظهر الرفض قليلا، وكان وزيرا كافيا خبيرا بتدبير الملك ولم يزل ناصحا لأستاذه حتى وقع بينه وبين الدوادار (الصغير مجاهد الدين أيبك) لأنه كان يتغال في السنة وعضده ابن الخليفة أحمد ولي العهد فحصل عنده من الضغن ما أوجب له أن سعى في دمار الاسلام وخراب بغداد كذا على ما هو مشهور لأنه ضعف جانبه وقويت شوكة الدوادار بحاشية الخليفة حتى قال في شعره:
وزير رضى من بأسه وانتقامه * بطي رقاع حشوها النظم والنثر كما تسجع الورقاء وهي حمامة * وليس لها يطاع ولا أمر وأخذ يكاتب التتار إلى أن جر هولاكو وجرأه على أخذ بغداد وقرر مع هولاكو أمورا انعكست عليه كذا وندم حيث لا ينفعه الندم وكان كثيرا ما يقول: وجرى القضاء بعكس ما أملته، لأنه عوامل بأنواع الهوان من أراذل التتر والمرتدة، حكي أنه كان في الديوان جالسا فدخل بعض التتار ممن لا له وجاهة راكبا فرسه فساق إلى أن وقف بفرسه على بساط الوزير وخاطبه بما أراد وبال الفرس على البساط وأصاب الرشاش ثياب الوزير وهو صابر لهذا الهوان، يظهر قوة النفس وأنه بلغ مراده. وقال له بعض أهل بغداد: يا مولانا أنت فعلت هذا جميعه وحميت الشيعة حمية لهم وقد قتل من الأشراف الفاطميين خلق لا يحصون وارتكب من الفواحش مع نسائهم وافتضت بناتهم الأبكار مما لا يعلمه إلا الله تعالى. فقال: بعد أن قتل الدوادار ومن كان على مثل رأيه لا مبالاة بذلك. ولم تطل مدته حتى مات غما وغبنا في أول سنة سبع وخمسين وستمائة، مولده في شهر ربيع الأول سنة إحدى وتسعين وخمسمائة... اشتغل بالحلة على عميد الرؤساء ابن أيوب وعاد إلى بغداد وأقام عند حاله عضد الدين أبي نصر المبارك ابن الضحاك، وكان أستاذ الدار، ولما قبض على مؤيد الدين القمي وكان أستاذ الدار فوضت الأستاذ دارية إلى شمس الدين ابن الناقد ثم عزل وفوضت الأستاذ دارية إلى ابن العلقمي، فلما توفي المستنصر بالله وولي الخلافة أمير المؤمنين المستعصم وتوفي الوزير نصير الدين أبو الأزهر أحمد ابن الناقد وزر ابن العلقمي وكان قد سمع الحديث واشتغل على أبي البقاء العكبري وحكي أنه لما كان يكاتب التتار تحيل مرة إلى أن أخذ رجلا وحلق رأسه حلقا بليغا وكتب ما أراد عليه بوخز الإبر كما يفعل بالوشم ونفض عليه الكحل وتركه عنده إلى أن طلع شعره وغطى ما كتب، فجهزه وقال:
إذا وصلت مرهم بحلق رأسك ودعهم يقرؤون ما فيه، وكان في آخر الكلام قطعوا الورقة. فضربت رقبته. وهذا غاية في المكر والخزي والله أعلم.
قلت: بل المكر والخزي اللذان بلغا الغاية هما صفتا من ابتدع هذه التهمة على ابن العلقمي، فليت شعري من خبر بهذا الفعل لو صح أ ابن العلقمي؟ أم الذي قطع رأسه أم المغول الذين إدعي في الخبر أنهم روسلوا؟ وذلك من أهم أسرار دولتهم لو كان صحيحا، ولكنه خبر مفتعل مولد مختلق، لأن الوزير كان يستطيع أن يوصل إليهم كتابه بغير تكلف لهذا العمل، لأنه كان وزيرا فلا يعترض رسوله أحد، بله أن طرق التسلل كثيرة وطرائق الايصال كثيرة وكيف يستجيز مسلم كابن العلقمي قطع رأس رسول مسلم وهو قطع محرم لأنه قتل للنفس التي حرم الله.
وقال ابن الطقطقي وهو من أنصف المؤرخين: وزارة مؤيد الدين أبي طالب محمد بن أحمد ابن العلقمي، هو أسدي أصلهم من النيل وقيل لجده العلقمي لأنه حفر النهر المسمى بالعلقمي وهو الذي برز الأمر الشريف السلطاني بحفره وسمي القازاني. اشتغل في صباه بالأدب ففاقه فيه وكتب خطا مليحا وترسل ترسلا فصيحا، وضبط ضبطا صحيحا وكان رجلا فاضلا كاملا لبيبا كريما وقورا محبا للرئاسة كثير التجمل، رئيسا


[٣] قدمنا ذكره في وفيات سنة ٦٢٧.
[١] العسجد المسبوك " نسخة المجمع المصورة، و ١٨٣ ".
[٢] المرجع المذكور " و ١٩٤ ". [١] لم يذكر المؤرخ كيف أظهر الرفض قليلا وما أفعال الاظهار التي ارتكبها؟ إنما هي أقوال باطلة نقلها بعض عن بعض.
[٢] قلنا إن صح هذا الخبر فالعار على الدولة التترية المتوحشة التي تتغاضى عن فعل هذا القائد، وإلا فما ذنب الوزير؟ فقد علموا أنه كان مخلصا للخليفة فاستوزروه وكيف يأتمنون خائنا؟
فإنه لا يلبث أن يكون مستعدا لخيانتهم ".
[١] لم يكن مؤيد الدين يوم قبض عليه الخليفة المستنصر أستاذ الدار بل نائب الوزارة.
[٢] هذه كذبة ثالثة للمؤرخ فإن ابن الناقد لم يعزل بل رفع إلى نيابة الوزارة باجماع المؤرخين العارفين.
[٣] الوافي بالوفيات " ١: ١٨٥، ١٨٦ الطبعة الأولى ". وقد ترجمه ابن شاكر الكتبي بمثل ما ترجمه به الصفدي، بلا زيادة ولا نقص وذلك يدل على أنه نقلها من الوافي بالوفيات.

نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 9  صفحه : 83
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست