responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 9  صفحه : 39

اهل الخراج يثق به، وقال له: ان الأشتر قد ولي مصر فان كفيته لم آخذ منك خراجا ما بقيت وبقيت فاحتل في هلاكه ما قدرت.
فخرج الأشتر حتى انتهى إلى القلزم حيث تركب السفن من مصر إلى الحجاز فأقام به، فقال له ذلك الرجل وكان ذلك المكان مكانه أيها الأمير هذا منزل فيه طعام وعلق، وانا رجل من اهل الخراج فأقم واسترح واتاه بالطعام حتى إذا طعم سقاه مشربة عسل قد جعل فيه سما فلما شربها مات.
ولما بلغ عليا موت الأشتر، قال: انا لله وانا إليه راجعون والحمد لله رب العالمين، اللهم إني احتسبه عندك فان موته من مصائب الدهر، ثم قال: رحم الله مالكا فقد كان وفيا بعهده وقضى نحبه ولقي ربه. مع انا قد وطنا أنفسنا ان تصبر على كل مصيبة بعد مصابنا برسول الله، فإنها من أعظم المصائب.
وحدث أشياخ النخع قالوا: دخلنا على أمير المؤمنين حين بلغه موت الأشتر فوجدناه يتلهف ويتأسف عليه، ثم قال: لله در مالك وما مالك؟!
والله لو كان من جبل لكان فندا ولو كان من حجر لكان صلوا، اما والله ليهون موتك عالما وليفرحن عالما، على مثل مالك فلتبك البواكي، وهل موجود كمالك.
قال علقمة بن قيس النخعي: فما زال يتلهف ويتأسف حتى ظننا أنه المصاب به دوننا، وعرف ذلك في وجهه أياما.
ومن أقوال أمير المؤمنين فيه: كان لي كما كنت لرسول الله وسئل بعضهم عن الأشتر فقال: ما أقول في رجل هزمت حياته اهل الشام وهزم موته اهل العراق.
وقد وصفه أمير المؤمنين لأهل مصر حين ولاه عليها في كتاب كتبه إليهم: لقد وجهت إليكم عبدا من عباد الله لا ينام في الخوف ولا ينكل من الأعداء حذر الدوائر أشد على الكافرين من حريق النار، فاسمعوا وأطيعوا فإنه سيف من سيوف الله لا نابي الضريبة ولا كليل الحد...
موقفه يوم رفع المصاحف لما رفع أصحاب معاوية المصاحف يدعون إلى حكم القرآن قال أمير المؤمنين: انهم والله ما رفعوها حقا، انهم يعرفونها ولا يعملون بها، وما رفعوها لكم الا خديعة ومكيدة أعيروني سواعدكم وجماجمكم ساعة واحدة فقد بلغ الحق مقطعه ولم يبق الا ان يقطع دابر الذين ظلموا.
فجاءه زهاء عشرين ألفا مقنعين بالحديد وشاكي السلاح سيوفهم على عواتقهم وقد سودت جباههم من السجود يتقدمهم مسعر بن فدكي وزيد بن حصين وعصابة من القراء الذين صاروا خوارج من بعد، فنادوه يا علي:
أجب القوم إلى كتاب الله إذ دعيت اليه والا قتلناك!
فقال لهم: أنا أول من دعا إلى كتاب الله وأول من أجاب اليه وليس يحل لي ولا يسعني ان أدعي إلى كتاب الله فلا اقبله، اني انما أقاتلهم ليدينوا بحكم القرآن، فإنهم قد عصوا الله فيما امرهم ونقضوا عهده ونبذوا كتابه، ولكني قد أعلمتكم انهم قد كادوكم وانهم ليسوا بالعمل بالقرآن يريدون.
قالوا فابعث إلى الأشتر ليأتيك، وكان الأشتر صبيحة ليلة الهرير قد أشرف على معسكر معاوية ليدخله. فأرسل اليه يزيد بن هانئ فاتاه فبلغه. فقال الأشتر: قل له ليس هذه الساعة ينبغي لك ان تزيلني فيها عن موقفي اني قد رجوت ان يفتح الله بي فلا تعجلني. فرجع يزيد بن هاني إلى علي فأخبره. وارتفع الرهج وعلت الأصوات من قبل الأشتر وظهرت دلائل الفتح والنصر لأهل العراق ودلائل الخذلان والادبار على اهل الشام.
فقال له القوم: والله ما نراك الا أمرته بقتل القوم، قال: رأيتموني ساررت رسولي؟ أ ليس انما كلمته على رؤوسكم علانية وأنتم تسمعون!
قالوا فابعث اليه فليأتك والا والله اعتزلناك! قال: ويحك يا يزيد، قل له اقبل فان الفتنة قد وقعت.
فاتاه فأخبره. فقال الأشتر: أ لرفع هذه المصاحف؟! قال: نعم.
قال: أما والله لقد ظننت انها حين رفعت ستوقع اختلافا وفرقة، وقال الله لنا، أ ينبغي ان ندع هذا أو ننصرف عنه!.
فقال له يزيد: أ تحب انك ظفرت هاهنا وأمير المؤمنين بمكانه الذي هو به يفرج عنه ويسلم إلى عدوه! قال: سبحان الله، والله ما أحب ذلك. قال: فإنهم قالوا لترسلن إلى الأشتر فليأتينك أو لنقتلنك كما قتلنا عثمان، أو لنسلمك إلى عدوك!.
فاقبل الأشتر، فصاح: يا اهل الذل والوهن، أ حين علوتم القوم فظنوا انكم لهم قاهرون، رفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها، وقد والله تركوا ما امر الله فيها وسنة من أنزلت عليه، فلا تجيبوهم أمهلوني فواقا فاني قد أحسست بالفتح، قالوا: لا، قال: فأمهلوني عدو الفرس، فاني قد طمعت في النصرة. قالوا إذن ندخل معك في خطيئتك. قال: فحدثوني عنكم، وقد قتل أماثلكم وبقي أراذلكم متى كنتم محقين حيث كنتم تقتلون اهل الشام فأنتم الآن حين أمسكتم عن القتال مبطلون أم الآن محقون فقتلاكم الذين لا تنكرون فضلهم وكانوا خيرا منكم في النار! قالوا عنا منك يا اشتر، قاتلناهم في الله وندع قتالهم في الله، انا لسنا نطيعك فاجتنبنا، قال خدعتم والله فانخدعتم ودعيتهم إلى وضع الحرب فأجبتم، يا أصحاب الجباه السود كنا نظن ان صلاتكم زهادة في الدنيا وشوق إلى لقاء الله، فلا أرى فراركم الا إلى الدنيا من الموت الا قبحا يا أشباه النيب الجلالة ما أنتم برائين بعدها عزا ابدا فابعدوا كما بعد القوم الظالمون.
فسبوه وسبهم وضربوا بسياطهم وجه دابته وضرب بسوطه وجوه دوابهم. فصاح لهم علي فكفوا.
ولما كتبت صحيفة التحكيم دعي لها الأشتر ليوقعها فيمن وقعها فقال: لا صحبتني يميني ولا نفعتني بعدها الشمال ان كتب لي في هذه الصحيفة اسم على صلح ولا موادعة، أ ولست على بينة من ربي ويقين من ضلالة عدوي، أ ولستم قد رأيتم الظفر إن لم تجمعوا على الخور! فقال له رجل انك والله ما رأيت ظفرا ولا خورا هلم فاشهد على نفسك وأقرر بما في هذه الصحيفة فإنه لا رغبة بك عن الناس. قال: بلى والله ان لي لرغبة عنك في الدنيا للدنيا وفي الآخرة للآخرة، ولقد سفك الله بسيفي هذا دماء رجال ما أنت بخير منهم عندي ولا أحرم دما. ثم قال: لكن رضيت بما


[1] هو الأشعث بن قيس الكندي

نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 9  صفحه : 39
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست