responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 8  صفحه : 360

إن كان المراد بوزارتي على عادة الوزراء، يمشون أمورهم بكل مذهب وكل سبب، سواء أ كان ذلك موافقا لرضا الله جل جلاله ورضا سيد الأنبياء والمرسلين أو مخالفا لهما في الآراء، فإنك من أدخلته في الوزارة قام بما جرت عليه العوائد الفاسدة. وإن أردت العمل في ذلك بكتاب الله جل جلاله وسنة رسوله ص فهذا أمر لا يحتمله من في دارك ولا مماليكك ولا خدمك ولا حشمك ولا ملوك الأطراف، ويقال لك إذا سلكت سبيل العدل والإنصاف والزهد إن هذا علي بن طاووس علوي حسني ما أراد بهذه الأمور إلا أن يعرف أهل الدهور إن الخلافة لو كانت إليهم كانوا على هذه القاعدة من السيرة، وإن في ذلك ردا على الخلفاء من سلفك وطعنا عليهم.
ولما تغلب التتار على بلاد خراسان وطمعوا في هذه البلاد ووصلت سراياه إلى نحو مقاتلة بغداد في زمن الخليفة المستنصر جزاه الله عني بما هو أهله، كتبت إلى الأمير قشتمر [1] وكان إذ ذاك مقدم العساكر خارج بلد بغداد وهم مبرزون بالخيم والعدد والاستظهار ويخافون أن تأتيهم عساكر التتار وقد نودي في باطن البلد بالخروج إلى الجهاد فقلت له بالمكاتبة:
استأذن لي الخليفة واعرض رقعتي عليه في أن يأذن لي في التدبير ويكونون حيث أقول يقولون وحيث أسكت يسكتون، حتى أصلح الحال بالكلام، فقد خيف على بيضة الاسلام، وما يعذر الله جل جلاله من يترك الصلح بين الأنام، وذكرت في المكاتبة أنني ما أسير بدرع ولا عدة إلا بعادتي من ثيابي ولكني أقصد الصلح، ولا أبخل بشئ لا بد منه، وما أرجع بدون الصلح فإنه مما يريده الله عز وجل ويقربني منه، فاعتذروا وأرادوا غير ما أردناه، ثم حضرت عند صديق لنا وكان أستاذ دار وقلت له: تستأذن لي الخليفة في أن أخرج أنا وآخرون ونأخذ معنا من يعرف لغة التتار ونلقهم ونحدثهم... لعل الله جل جلاله يدفعهم بقول أو فعل أو حيلة عن هذه الديار، فقال: نخاف تكسرون حرمة الديوان ويعتقدون أنكم رسل من عندنا، فقلت: أرسلوا معنا من تختارون ومتى ذكرناكم أو قلنا أننا عنكم حملوا رؤوسنا إليكم وأنجاكم ذلك وأنتم معذورون. ونحن إنما نقول إننا أولاد هذه الدعوة النبوية والمملكة المحمدية، وقد جئنا نحدثكم عن ملتنا وديننا فان قبلتم وإلا فقد أعذرنا... فقام وأجلسني في موضع منفرد أشار إليه، وظاهر الحال أنه أنهى ذلك إلى المستنصر.
ثم أطال وطلبني من الموضع المنفرد وقال ما معناه: إذا دعت الحاجة إلى مثل هذا أذنا لكم، لأن القوم الذين قد أغاروا ما لهم متقدم تقصدونه وتخاطبونه، وهؤلاء سرايا متفرقة وغارات غير متفقة.
وعاد بعد ذلك كله إلى الحلة ولا نعلم بالتحقيق متى كان ذلك، ولكنه على الأرجح في أواخر عهد المستنصر فبقي هناك مدة من الزمن حيث ولد له فيها ابنه محمد سنة 643 ه، ثم انتقل منها إلى النجف فبقي فيها ثلاث سنين، وولد له هناك ولده علي سنة 746 ه، ثم انتقل إلى كربلاء وكان ينوي الإقامة فيها ثلاث سنين، ولا ندري هل تحققت نيته أم لا، ثم عاد إلى بغداد سنة 652 ه وبقي فيها إلى حين احتلال المغول بغداد، فشارك في أهوالها وشملته آلامها، وفي ذلك يقول:
تم احتلال بغداد من قبل التتر في يوم الاثنين 18 محرم سنة 656 ه وبتنا في ليلة هائلة من المخاوف الدنيوية فسلمنا الله جل جلاله من تلك الأهوال.
ولما تم احتلال بغداد أمر هولاكو أن يستفتي العلماء: أيما أفضل.
السلطان الكافر العادل أم السلطان المسلم الجائر؟؟ ثم جمع العلماء بالمستنصرية لذلك فلما وقفوا على الفتيا أحجموا عن الجواب، وكان رضي الدين علي بن طاووس حاضرا هذا المجلس وكان مقدما محترما، فلما رأى أحجامهم تناول الفتيا ووضع خطه فيها بتفضيل العادل الكافر على المسلم الجائر، فوضع الناس خطوطهم بعده.
وكان من فوائد ذلك ما أشار إليه بقوله: ظفرت بالأمان والاحسان، وحقنت فيه دماؤنا، وحفظت فيه حرمنا وأطفالنا ونساؤنا، وسلم على أيدينا خلق كثير.
وفي سنة 661 ه ولي رضي الدين نقابة الطالبيين، وبقي نقيبا إلى أن توفي يوم الاثنين خامس ذي القعدة سنة 664 ه. رحمة الله ورضوانه عليه.
فضله وآثاره كان رضي الدين على جانب كبير من العلم والفضل والمعرفة كما تشهد به مؤلفاته وآثاره وأقوال المؤرخين والرجاليين الذين ترجموا له وذكروه حتى آل الأمر ببعض أعلام عصره إلى طلب التصدي منه للفتيا والقضاء الشرعي، اعتمادا على فقهه العميق وورعه الذي لا يتسرب إليه الشك، وفي ذلك يحدثنا فيقول:
وأراد بعض شيوخي أنني أدرس وأعلم الناس وأفتيهم وأسلك سبيل الرؤساء المتقدمين فوجدت الله جل جلاله يقول في القرآن الشريف:
ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين، ثم لقطعنا منه الوتين، فما منكم من أحد عنه حاجزين، فرأيت أن هذا تهديد من رب العالمين فكرهت وخفت من الدخول في الفتوى، حذرا من أن يكون فيها تقول عليه، وطلب رئاسة لا أريد بها التقرب إليه، فاعتزلت.
ثم اجتمع عندي من أشار إلى أن أكون حاكما بين المختلفين على عادة الفقهاء والعلماء من السلف الماضين، ومصلحا لأمور المتحاكمين، فاعتزلت.
ومن الناحية الأدبية ذكر ابن أخيه السيد عبد الكريم غياث الدين أن لعمه نظما ونثرا، وقال الحر العاملي في ترجمته: وكان أيضا شاعرا أديبا منشئا بليغا، ولم نعثر على شعر له سوى ما رواه الشيخ شمس الدين


[1] هو الأمير جمال الدين قشتمر المتوفى سنة 637 ه‌، وأظن أنه يقصد حادث وصول جيوش المغول إلى نواحي العراق المذكور في الحوادث الجامعة: 109 - 110، وكان ذلك سنة 635 ه‌.

نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 8  صفحه : 360
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست