responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 3  صفحه : 399

من مالك ما أكلت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت فقلت له أتؤمن بان هذا قول رسول الله ص وانه الحق قال نعم قلت فلم تحبس عندك سبعا وعشرين بدرة في دارك ولا تأكل منها ولا تشرب ولا تزكي ولا تقدمها ذخرا ليوم فقرك وفاقتك فقال يا أبا معن والله ان مما قلت لهو الحق ولكن أخاف الفقر والحاجة إلى الناس فقلت وبم تزيد حال من افتقر على حالك وأنت دائم الحرص دائم الجمع شحيح على نفسك لا تشتري اللحم الا من عيد إلى عيد. فترك جواب كلامي كله ثم قال لي والله لقد اشتريت في يوم عاشوراء لحما وتوابله وما يتبعه بخمسة دراهم فأضحكني حتى أذهلني عن جوابه. وقال الجاحظ حدثني ثمامة قال دخلت إلى أبي العتاهية فرأيت قدامه خبزا يابسا وقدحا فيه لبن حليب فكان يأخذ القطعة من الخبز فيغمسها في اللبن ويخرجها فقلت له كأنك اشتهيت ان تتأدم بلا شئ وما رأيت أحدا قبلك تدم بلا شئ وكان لأبي العتاهية جار يلتقط النوى فقير متجمل فكان يمر بأبي العتاهية طرفي النهار فيقول أبو العتاهية اللهم أغنه عما هو بسبيله شيخ ضعيف سئ الحال متجمل اللهم أعنه اصنع له بارك فيه فقيل له أراك تكثر الدعاء لهذا الشيخ وتزعم انه فقير فلم لا تتصدق عليه فقال أخشى أن يعتاد الصدقة والصدقة آخر كسب العبد وان في الدعاء لخيرا كثيرا.
وكان له خادم اسود طويل كأنه محراك أتون وكان يجري عليه كل يوم رغيفين بغير إدام فشكا العبد ذلك إلى صديق له ليسأله ان يزيده رغيفا فقال له يا أبا إسحاق كم تجري على هذا الخادم كل يوم، قال: رغيفين قال لا يكفيانه فقال من لم يكفه القليل لم يكفه الكثير وكل من اعطى نفسه شهوتها هلك وهذا خادم ان لم أعوده القناعة والاقتصاد أهلكني فمات الخادم فكفنه في ازار وفراش له خلق فقال له سبحان الله خادم قديم الحرمة طويل الخدمة واجب الحق تكفنة في خلق وانما يكفيك له كفن بدينار فقال إنه يصير إلى البلا والحي أولى بالجديد من الميت فقال يرحمك الله أبا إسحاق عودته الاقتصاد حيا وميتا.
ووقف عليه سائل من الظرفاء وحوله جماعة فسأله فقال صنع الله لك فأعاد السؤال فاجابه كذلك فأعاده ثالثا فرد عليه مثل ذلك فقال ألست القائل:
كل حي بعد ميتته * حظه من ماله الكفن فبالله عليك أتريد ان تعد مالك كله لثمن كفنك؟ قال لا، قال فكم قدرت له؟ قال خمسة دنانير، قال فهي إذا حظك من مالك كله، قال نعم، قال فتصدق علي بدرهم من غير حظك، قال لو تصدقت عليك لكان حظي، قال فافرض ان دينارا من الخمسة نقص قيراطا وادفع إلي قيراطا والا فامر آخر قال ما هو قال: القبور تحفر بثلاثة دراهم فاعطني درهما وأعطيك كفيلا باني أحفر لك قبرك به متى مت وتربح درهمين فإن لم احتفر رددته على ورثتك أو رده كفيلي فقال أبو العتاهية أعزب لعنك الله وغضب عليك فضحك الحاضرون ومر السائل يضحك فقال أبو العتاهية من أجل هذا وأمثاله حرمت الصدقة فقالوا له ومن حرمها ومتى حرمت وقيل له أتزكي مالك فقال ما أنفق على عيالي الا من زكاة مالي فقالوا سبحان الله انما ينبغي ان تخرج زكاة مالك إلى الفقراء والمساكين، فقال: لو انقطعت عن عيالي زكاة مالي لم يكن في الأرض أفقر منهم.
وكان أبو العتاهية عند قثم بن جعفر بن سليمان ينشده في الزهد فأرسل قثم إلى الجماز فحضر وأبو العتاهية ينشد فأنشأ الجماز يقول:
ما أقبح التزهيد من واعظ * يزهد الناس ولا يزهد لو كان في تزهيده صادقا * أضحى وأمسى بيته المسجد يخاف ان تنفد أرزاقه * والرزق عند الله لا ينفد والرزق مقسوم على من ترى * يناله الأبيض والأسود أشعاره في الأغاني عن الرياشي سمعت الأصمعي يستحسن قول أبي العتاهية:
أنت ما استغنيت عن * صاحبك الدهر اخوه فإذا احتجت اليه * ساعة مجك فوه قال ومن شعره أرجوزته التي سماها ذات الأمثال ويقال ان فيها أربعة آلاف مثل منها قوله:
حسبك مما تبتغيه القوت * ما أكثر القوت لمن يموت الفقر فيما جاوز الكفافا * من اتقى الله رجا وخافا هي المقادر فلمني أو فذر * ان كنت أخطأت فما أخطأ القدر لكل ما يؤذي وان قل ألم * ما أطول الليل على من لم ينم ما انتفع المرء بمثل عقله * وخير ذخر المرء حسن فعله ان الفساد ضده الصلاح * ورب جد جره المزاح من جعل النمام عينا هلكا * مبلغك الشر كباغيه لكا ان الشباب والفراع والجده * مفسدة للمرء اي مفسده يغنيك عن كل قبيح تركه * يرتهن الرأي الأصيل شكه ما عيش من آفته بقاؤه * نغص عيشا كله فناؤه يا رب من أسخطنا بجهده * قد سرنا الله بغير حمده ما تطلع الشمس ولا تغيب * الا لأمر شانه عجيب لكل شئ معدن وجوهر * وأوسط وأصغر وأكبر من لك بالمحض وكل ممتزج * وساوس في الصدر منه تعتلج وكل شئ لاحق بجوهره * أصغره متصل باكبره ما زالت الدنيا لنا دار اذى * ممزوجة الصفو بألوان القذى الخير والشر بها أزواج * لذا نتاج ولذا نتاج من لك بالمحض وليس محض * يخبث بعض ويطيب بعض لكل انسان طبيعتان * خير وسر وهما ضدان انك لو تستنشق الشحيحا * وجدته أنتن شئ ريحا والخير والشر إذا ما عدا * بينهما بون بعيدا جدا عجبت حتى غمني السكوت * صرت كأني حائر مبهوت كذا قضى الله فكيف أصنع * الصمت ان ضاق الكلام أوسع قال وهي طويلة جدا. ومن شعره في الغزل قوله:
كأنها من حسنها درة * أخرجها اليم إلى الساحل كان في فيها وفي طرفها * سواحرا أقبلن من بابل لم يبق مني حبها ما خلا * حشاشة في بدن ناحل يا من رأى قبلي قتيلا بكى * من شدة الوجد على القاتل

نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 3  صفحه : 399
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست