responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 2  صفحه : 538

لا يستحي أحد يقال له * نضلوك آل بويه أو فضلوا قدروا عفوا وعدوا وفوا سئلوا * أغنوا علوا أعلوا ولوا عدلوا فوق السماء وفوق ما طلبوا * فإذا أرادوا غاية نزلوا وتوفيت عمة عضد الدولة ببغداد فورد عليه الكتاب بوفاتها إلى شيراز فقال المتنبي من قصيدة:
لا بد للانسان من ضجعة * لا تقلب المضجع عن جنبه ينسى بها ما كان من عجبه * وما أذاق الموت من كربه نحن بنو الموتى فما بالنا * نعاف ما لا بد من شربه تبخل أيدينا بأرواحنا * على زمان هي من كسبه فهذه الأرواح من جوه * وهذه الأجسام من تربه لو فكر العاشق في منتهى * حسن الذي يسبيه لم يسبه لم ير قرن الشمس في شرقه * فشكت الأنفس في غربه يموت راعي الضأن في جهله * ميتة جالينوس في طبه وربما زاد على عمره * وزاد في الأمن على سربه وغاية المفرط في سلمه * كغاية المفرط في حربه فلا قضى حاجته طالب * فؤاده يخفق من رعبه مفارقته عضد الدولة قاصدا العراق ومقتله وكان ينبغي أن نذكر خبر مقتله في آخر الترجمة كما هي العادة لكن ارتباطه بمفارقة عضد الدولة دعا إلى ذكره هنا لتكون اخباره متتالية غير متقطعة في اليتيمة: لما أنجحت سفرته وربحت تجارته بحضرة عضد الدولة ووصل إليه من صلاته أكثر من مائتي ألف درهم استأذنه في المسير عنها ليقضي حوائج في نفسه ثم يعود إليها فاذن له وأمر بان تخلع عليه الخلع الخاصة ويقاد إليه الحملان الخاص وتعاد صلته بالمال الكثير فامتثل ذلك وأنشده أبو الطيب الكافية التي هي آخر شعره وفي أضعافها كلام جرى على لسانه كأنه ينعي فيه نفسه وإن لم يقصد ذلك فمنه قوله:
فلو أني استطعت خفضت طرفي * فلم أبصر به حتى اراكا وهذه لفظة يتطير منها ومنه:
إذا التوديع أعرض قال قلبي * عليك الصمت لا صاحبت فاكا وهذا أيضا من ذاك ومنه:
ولولا أن أكثر ما تمنى * معاودة لقلت ولا مناكا أي لو أن أكثر ما تمنى قلبي أن يعاودك لقلت له ولا بلغت أنت أيضا مناك. وهذا أيضا من ذاك ومنه:
قد استشفيت من داء بداء * وأفتل ما أعلك ما شفاكا ومنه:
وكم دون التوبة من حزين * يقول له قدومي ذا بذاكا ومنه:
ويمنع ثغره من كل صب * ويمنحه البشامة والآراكا وفي الأحباب مختص بود * وآخر يدعي معه اشتراكا إذا اشتبكت دموع في خدود * تبين من بكى ممن تباكى وهذه أيضا من ذاك ومنه:
وأيا شئت يا طرقي فكوني * أذاة أو نجاة أو هلاكا جعل قافية البيت الهلاك فهلك وذلك أنه ارتحل عن شيراز بحسن حال ووفور مال فلما فارق أعمال فارس حسب أن السلامة تستمر به كاستمرارها في مملكة عضد الدولة ولم يقبل ما أشير به عليه من الاحتياط باستصحاب الخفراء والمبذرقين فجرى عليه ما جرى وحاصله كما في الصبح المنبي عن الخالديين أنهما قالا كتبنا إلى أبي نصر محمد الجبلي نسأله عما صدر لأبي الطيب بعد مفارقته عضد الدولة وكيف قتل وأبو نصر هذا من وجوه الناس في تلك الناحية وله فضل وأدب جزل وحرمة وجاه فأجابنا يقول:
أن سير أبي الطيب كان من واسط يوم السبت لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان سنة 354 وقتل بضيعة تقرب من دير العاقول لليلتين بقيتا من شهر رمضان والذي تولى قتله وقتل ابنه محسد وغلامه مفلح رجل من بني أسد يقال له فاتك بن أبي جهل بن فراس بن بداد وكان من قوله لما قتله وهو متعفر قبحا لهذه اللحية يا سباب وهو خال ضبة أخو والدته الذي هجاه أبو الطيب بقوله:
ما أنصف القوم ضبه * وأمه الطرطبه وأقذع وأفحش في هجوه والافتراء على أمه، فداخلت فاتكا الحمية لما سمع ذكر أخته بالقبيح في هذا الشعر، قال أبو نصر: إن فاتكا كان لي صديقا وكان فاتكا كاسمه، فلما سمع الشعر الذي هجي به ابن أخته ضبة اشتد غضبه ورجع على ضبة باللوم وقال له: كان يجب أن لا تجعل لشاعر سبيلا، وأضمر غير ما أظهر، واتصل به انصراف المتنبي من بلاد فارس وتوجهه إلى العراق وعلم أن اجتيازه بجبل دير العاقول فلم يكن ينزل عن فرسه ومعه جماعة من بني عمه، وكان فاتك خائفا أن يفوته، فجاءني يوما وهو يسال قوما مجتازين عن المتنبي، فقلت له أكثرت المسألة عن هذا الرجل فأي شئ تريد منه؟ قال: ما أريد إلا الجميل، وعذله على هجاء ضبة، فقلت هذا لا يليق باخلاقك! فتضاحك ثم قال يا أبا نصر والله لئن اكتحلت عيني به أو جمعتني وإياه بقعة لأسفكن دمه، قلت له كف عافاك الله اله عن هذا وارجع إلى الله وأزل هذا الرأي من قلبك فان الرجل شهير الاسم بعيد الصيت ولا يحسن منك قتله على شعر قاله، وقد هجت الشعراء الملوك في الجاهلية والخلفاء في الاسلام فما سمعنا بشاعر قتل بهجائه وقد قال الشاعر:
هجوت زهيرا ثم اني مدحته * وما زالت الاشراف تهجى وتمدح ولم يبلغ جرمه ما يوجب قتله، فقال يفعل الله ما يشاء وانصرف، ولم يمض لهذا القول غير ثلاثة أيام حتى وافاني المتنبي ومعه بغال موقرة بكل شئ من الذهب والطيب والتجملات النفيسة والكتب الثمينة والآلات، لأنه كان إذا سافر لم يخلف في منزله درهما ولا شيئا يساويه، وكان أكثر إشفاقه على دفاتره، لأنه كان انتخبها وأحكمها قراءة وتصحيحا، قال أبو نصر: فتلقيته وأنزلته داري وسألته عن أخباره وعمن لقي فعرفني من ذلك ما سررت له، وأقبل يصف ابن العميد وعمله وكرمه وكرم عضد الدولة ورغبته في الأدب وميله إلى أهله، فلما أمسينا قلت له يا أبا الطيب على أي شئ أنت مجمع؟ قال على أن اتخذ الليل مركبا فان السير فيه يخف علي، فقلت هذا هو الصواب رجاء أن يخفيه الليل ولا يصبح إلا وقد قطع بلدا بعيدا، وقلت له والرأي أن يكون معك من رجالة هذه البلدة الذين

نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 2  صفحه : 538
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست