responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 2  صفحه : 525

الغاية وتهدده بمفارقته وانه سيندم على فراقه وانه هو الذي سبب فراقه.
ولئن جوزنا في شعراء سيف الدولة انهم حسدوه وقديما كان في الناس الحسد لا يجوز ذلك في حق أبي فراس فهو لم يكن شاعرا يطلب بشعره الجوائز كما يطلبها المتنبي، بل هو كما قال عن شعره:
لم أعد فيه مفاخري * ومديح آبائي النجب ومقطعات ربما * أمليت منهن الكتب لا في المديح ولا الهجاء * ولا المجون ولا اللعب فعلى اي شئ يحسد المتنبي أ على مكانته من سيف الدولة وليس لاحد منه مكانة أبي فراس، وهو يخاطبه بسيدي حين تكلم في اجازة أبيات قال:
ليس لها الا سيدي، أم على جوائزه وليس أبو فراس ممن يستجدي بشعره والحسد انما يكون بين المتشاركين في صنعة واحدة وما دعا أبا فراس إلى الكلام عليه امام سيف الدولة بحضوره وفي غيابه الا عجرفته وسوء أدبه وكفرانه النعمة فهو بعد ما كان يجوب القفار على قدميه في طلب الرزق فلا يجد لبضاعته مشتريا ويقتنع من الجائزة على قصائده بدينار ان وجده، وبعد ما أدر عليه سيف الدولة بعد أبي العشائر العطايا وأغدق له الجوائز ومنحه ألوفا من الدنانير صار يستطيل على سيف الدولة وينسبه إلى التقصير في حقه وخفر ذمته ويفتخر عليه ويمتن عليه ويهدده بالمفارقة وحصول الندم ويستطيل على ابن عمه وصهره وقائد جيشه ووزير حربه وشاعره المفلق أبي فراس ويهجوه بحضرته ويقول إنه شحمه ورم ولم يمدحه طول اقامته ولو ببيت من الشعر ومدح من هو دونه وأبو فراس هو الذي قيل فيه انه بدئ الشعر بملك وختم بملك بدئ بامرئ القيس وختم بأبي فراس، ولم يؤخذ على أبي فراس بشئ في شعره فهو كالدر المنظوم والذهب المسبوك والفضة المصفاة كما أخذ على المتنبي، وهو لا يقصر عن المتنبي في محاسنه ولا يشاركه في مقابحه، كل هذا وسيف الدولة يحلم عنه وهو لا يزداد الا تماديا حتى أنه في آخر انشاده لهذه الميمية التي هي الطامة الكبرى ترضاه وقبل رأسه واجازه بألفي دينار فلم يثنه ذلك عن عزمه وفارقه، ولسنا نمنع ان يكون الشعراء الذين كانوا بحضرة سيف الدولة غير أبي فراس كانوا يحسدونه، لكننا لا نبرئ المتنبي من حسده لهم وفيهم فحول الشعراء وقادة النظم والنثر فإنه كان مجبولا على حب التفوق واحتقار من سواه أيا كان فقد كان الأولى به ان يتألفهم لا ان يستطيل عليهم ويتهددهم بان ضحكه لهم ليس الا كضحك الأسد وينسبهم للجهل ويصفهم بأنهم زعانف وانهم لا عرب ولا عجم.
وفي ديوانه انه لما أنشد هذه القصيدة الميمية وانصرف اضطرب المجلس وكان نبطي من كبراء كتابه يقال له أبو الفرج السامري فقال له:
دعني أسعى في ذمه، فرخص له في ذلك، وفيه يقول أبو الطيب:
أ سامري ضحكة كل رأي * فطنت وكنت أغبى الأغبياء صغرت عن المديح فقلت اهجى * كأنك ما صغرت عن الهجاء وما فكرت قبلك في محال * ولا جربت سيفي في هباء وكانه ارعوى بعض الإرعواء فقال مستعتبا من القصيدة الميمية:
الا ما السيف الدولة اليوم عاتبا * فداه الورى امضى السيوف مضاربا حنانيك مسؤولا ولبيك داعيا * وحسبي موهوبا وحسبك واهبا أ هذا جزاء الصدق ان كنت صادقا * أهذا جزاء الكذب ان كنت كاذبا وإن كان ذنبي كل ذنب فإنه * محا الذنب كل الذنب من جاء تائبا ولما رضي عنه قال يمدحه بهذه القصيدة:
أجاب دمعي وما الداعي سوى طلل * دعا فلباه قبل الركب والإبل ظللت بين أصيحابي أكفكفه * وظل يسفح بين العذر والعذل وما صبابة مشتاق على أمل * من اللقاء كمشتاق بلا أمل متى تزر قوم من تهوى زيارتها * لا يتحفوك بغير البيض والأسل والهجر اقتل لي مما أراقبه * انا الغريق فما خوفي من البلل تشبه الخفرات الآنسات بها * في مشيها فينلن الحسن بالحيل وقد طرقت فتاة الحي مرتديا * بصاحب غير عزهاة ولا غزل فبات بين تراقينا ندفعه * وليس يعلم بالشكوى ولا القبل ثم اغتدى وبه من درعها اثر * على ذؤابته والجفن والخلل لا أكسب الذكر الا من مضاربه * أو من سنان اصم الكعب معتدل جاد الأمير به لي في مواهبه * فزانها وكساني الدرع في الحلل ومن علي بن عبد الله معرفتي * بحمله من كعبد الله أو كعلي معطي الكواعب والجرد السلاهب * والبيض القواضب والعسالة الذبل ضاق الزمان ووجه الأرض عن ملك * ملء الزمان وملء السهل والجبل فنحن في جذل والروم في وجل * والبر في شغل والبحر في خجل من تغلب الغالبين الناس منصبه * ومن عدي أعادي الجبن والبخل ليت المدائح تستوفي مناقبه * فما كليب وأهل الأعصر الأول خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به * في طلعة البدر ما يغنيك عن زحل وقد وجدت مكان القول ذا سعة * فان وجدت لسانا قائلا فقل تمسي الأماني صرعى دون مبلغه * فما تقول لشئ ليت ذلك لي بالشرق والغرب أقوام نحبهم * فطالعاهم وكونا أبلغ الرسل وعرفاهم باني في مكارمه * اقلب الطرف بين الخيل والخول يا أيها المحسن المشكور من جهتي * والشكر من قبل الإنسان لا قبلي أقل أنل أقطع احمل على سل أعد * زد هش بش تفضل أدن سر صل لعل عتبك محمود عواقبه * فربما صحت الأجسام بالعلل وما سمعت وما غيري بمقتدر * أذب منك لزور القول عن رجل لان حلمك حلم لا تكلفه * ليس التكحل في العينين كالكحل وما ثناك كلام الناس عن كرم * ومن يسد طريق العارض الهطل وفي اليتيمة لما أنشد سيف الدولة هذه القصيدة وناوله نسختها وخرج نظر فيها سيف الدولة فلما انتهى إلى قوله:
أقل أ نل اقطع احمل علي سل أعد * زد هش بش تفضل ادن سر صل وقع تحت أقل قد أقلناك وتحت أنل يحمل إليه من الدراهم كذا وتحت اقطع قد أقطعناك الضيعة الفلانية ضيعة ببلاد حلب وتحت احمل يقاد إليه الفرس الفلاني وتحت على قد فعلنا وتحت سل قد فعلنا فأسل وتحت أعد أعدناك إلى حالك من حسن رأينا وتحت زد يزاد وتحت ادن قد أدنيناك وتحت سر قد سررناك. قال ابن جني فبلغني عن المتنبي أنه قال انما أردت سر من السرية فامر له بجارية وتحت صل فعليا. قال وحكى لي بعض اخواننا ان المعقلي وهو شيخ كان بحضرته ظريف قال له وحسد المتنبي على ما أمر له به يا مولاي قد فعلت به كل شئ سالكه فهلا قلت له لما قال لك هش بش هه هه هه يحكى له الضحك فضحك سيف الدولة وقال له ولك أيضا ما تحب وامر له بصلة.

نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 2  صفحه : 525
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست