responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 10  صفحه : 421

أعاد فيه لنا ذكرى شمائله * كأنها من نسيم رق خفاق من خلقه وزلال بارد شبم * نحسو السلاف باصباح وإغباق تدار فينا كؤوس الشاي مترعة * كان شمس الضحى يسعى بها الساقي ان زوجت من نفوس العرب ان لها * في الصين منبت أعراق وأوراق ما الشاي والبن والصهباء أروح * للأرواح من زاخر بالفضل دفاق ما بين جانحتيه نفس مضطلع * بالأمر تزكو على بذل وانفاق وفيه من جده مأثور سنته * ومن شريعته كشاف إغلاق بنو الأمين وكم فينا لمحسنهم * يدا معودة تطويق أعناق أسفاره كمسير الشمس سائرة * تلف بالنور آفاق بأفاق ما ان ترى غير مغري في حدائقها * يسيم في روضها ألحاظ تواق كم راح من حيرة فيها ومن عمه * أخو عمى راسفا في غل اقلاق وعاد مستبصرا منها بنور هدى * من رق وهم وتضليل لاعتاق يذود عن حرم الاسلام من نصبوا * له حبائل ضلال وفساق كأنما القلم الجاري براحته * صل ينضنض لكن بين أوراق إذا مشى مطرقا في رأسه فله * يمشي الزمان واهلوه باطراق العلم والعمل المعلي بصاحبه * هما به مثل مفهوم ومصداق قل للمحاول ان يجري بحلبته * لا تلق نفسك في غايات سباق لمحسن غاية هيهات تدركها * ولم تنل من مداه غير اخفاق فارجع وما لك من مجرى سوابقه * الا مثار غبار كحل احداق سقيا لدهر حبانا فيه عارفة * كانت لنا كالغنى من بعد املاق وفي بدائع آداب أعادلنا * ما كان للعرب من معمور أسواق وفيه روضاتنا الغناء قد حفلت * بطيب العرف من رند وطباق ليت الزمان به يسخو فينعمنا * منه بروضين من علم واخلاق مقربا دارنا من داره وبه * يضم شمل اصيحاب وارفاق فالعيش في محسن طلق ومورده * صاف ومن غيره مبق لارماق لا زال والدين منشور اللواء به * كشاف معضلة غواص أعماق وقال في مطلع قصيدة فقدت يحن إلى ولده عبد المطلب الذي كان ممثلا لسورية في موسكو:
أقمت بأرض الروس والشام أصبحت * دياري وأين الشام من بلد الروس في لحظات الاحتضار بقلم: الأستاذ حسين مروه مهدت مجلة المحيط التي نشرت هذه الكلمة لها بما يلي:
في الليالي الأخيرة لمرض الفقيد العظيم السيد محسن الأمين أعلن الأطباء ان كل شئ فيه قد انتهى وانه لم يبق حيا الا قلبه وان هذا القلب يصمد للموت صمودا عجيبا يدهش الأطباء، وبعد أربع وعشرين ساعة من الاحتضار العنيف وقبيل منتصف الليل همد القلب الجبار، وكان يسهر إلى جوار العظيم المحتضر نفر من أقرب المقربين إليه لم ينقطعوا عنه في لياليه الأخيرة وكان فيهم الأستاذ حسين مروه. وقبيل النهاية الأليمة وفيما هم واجمون كان أحد تلاميذ الفقيد يتناول دواة أستاذه ومجموعة أقلامه ويخرج بها لتدفن معه كما أوصى، هذه الدواة التي رافقت صاحبها أكثر من نصف قرن فكتب فيها تلك الروائع في الفقه والتاريخ والأدب والاصلاح والنقد، فاوحى هذا الموقف إلى أديبنا الكبير بهذه الكلمة وقد ألقاها في حفلة الأسبوع التي أقيمت في بيروت قلم التحرير.
كان قلبه الكبير يجالد الموت ويجاهده بعناد رائع عجيب، كان قلبه الكبير يصارع الموت وحده في الميدان، وقد خذلته قوى الجسد جميعا، خذلته تلك القوى الجبارة الصبور الدؤوب، وما خذلته قبيل هذا قطر، فلطالما أنجدته في الليالي والأيام تعمل لا وناء ولا سام ولا فتور، ولطالما جاهدت معه المغريات والمشتهيات تدفعها عن صاحب القلب الكبير دفعا شديدا عنيفا، لأن صاحب القلب الكبير في شغل عن المغريات كلها سوى الحروف والكلمات والسطور.
كان قلبه الكبير يصارع الموت وحده، كان الموت قد انتصر على قوى الجسد كلها سوى هذا القلب البطل، كان قلبه الجبار ينتفض في الصدر الرحيب العميق ويثب، يكافح الموت من هنا وهناك، ولكن الموت كان يحمل على الجبار ويشتد، وكانت القلعة المنيعة الهائلة توشك ان تقبض عليها يد الموت، وكان الحصن المتين الرفيع يوشك ان يصبح في ذمة التاريخ.
كان ذلك كله في لحظات الاحتضار، تلك اللحظات الثقال الطوال، وكنا جميعا نحس دبيب الموت يضج ضجيجا هائلا في أعصابنا، كنا جميعا نحس أجنحة الموت تخفق كالأعصار في نبضات قلوبنا، كنا جميعا نحس أنفاس الموت تكاد تمتزج في أنفاسنا.
ولكن، ما لي أشعر في غمرة هاتيك اللحظات بانقلاب مفاجئ في ذاتي دون القوم؟ باللحظات الطوال الثقال تنقلب في نفسي فجاة إلى دنيا رائعة من حياة العظيم المحتضر؟ ما لي أعود بالزمن إلى أيامه وهو في ذروة العافية واكتمال النشاط؟ ما لانفاس الموت لا أحسها في صدري، وما لأجنحة الموت لا اسمع خفقها في ذاتي، وما للعظيم المحتضر أراه بعيني وهو يحدب على دواته وأقلامه، ويخدم قراطيسه وبروفاته؟.
اي شئ حدث في تلك اللحظات الثقال الطوال حتى انقلب عندي حياة موفورة النشاط والحركة والعافية؟.
لقد حدث في لحظة مفاجئة ان رأيت دواة العظيم المحتضر وأقلامه، تخرج بها من غرفة الاحتضار، يد برة حزينة تهئ لها السبيل إلى مكان جديد، إلى جواره في المثوى المبارك الذي كان يهفو إليه حينذاك.
رأيت دواته وأقلامه فإذا بوجه الموت كله ينطوي عني في لحظة واحدة، وإذا بلحظات الاحتضار تلك ليست هي اللحظات الثقال الطوال، وإذا بالعظيم المسجى ذاك، ليس هو العظيم الذي يصارع قلبه الكبير الموت صراع الأبطال، وانما كل ذلك غريب بعيد، وما في عيني حينذاك الا شخصه العظيم والحياة ملء قلبه وعقله وجوارحه، والحركة والنشاط والعافية ملء دواته وقلمه وقراطيسه.
القوم ينصتون حيارى ذاهلين إلى دبيب الموت يضج في أعصابهم، وانا ارى العظيم بعيني في يقظة صاحية، أراه في قمم حياته كلها وهي تعشب من هنا وهنا بالمعرفة، وتخصب من هنا وهنا بالخير، وتثمر من هنا وهنا بالمحبة.
القوم ينصتون إلى دبيب الموت الرهيب في غرفة الاحتضار، وانا ارى العظيم بعيني في صومعته الضيقة تنفتح على الحياة من كل جانب، أراه في

نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 10  صفحه : 421
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست