responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 10  صفحه : 406

منزلة يغبط عليها، ولم يعط ذلك حبوة، أو جزافا.
ولعل من أبرز الظواهر التي تتجلى في هذه الشخصية المضاعفة وان تكن كل ظاهرة فيها بارزة أقول: لعل أبرز ظاهرات هذه الشخصية:
ظاهرة انتزعت اعجاب الكثيرين انتزاعا... تلك هي هذا الصبر النادر، والجهد الدائب... هي هذا النماء، والنتاج المبارك النافع. هي هذه المؤلفات الكثيرة، التي هي النواة الصالحة... وهي بصورة أخص هذه الدائرة الواسعة، التي وضعها، والتي بذل اقصى جهوده، في اتحاف الأجيال القادمة بها، والتي أعطت من ثمارها الطيبة شيئا، ليس بالقليل... وأعني بها: كتابه العظيم أعيان الشيعة... ذلك الكتاب الذي اخرج منه ما يقارب الأربعين جزءا.
وليس ما يلفت النظر في هذا الكتاب القيم هو عدد اجزائه، في التقدير للكيف... ولكن هنالك ما هو فوق هذا... بل إن مسالة الكم لتتضاءل إذا قسناها إلى الكيف.
وشئ مهم في هذا الكتاب أيضا هو ما في هذا الموضوع، من عمل شاق، يتطلبه من: صبر، وجلد، وتتبع... لأنه يبحث في كل زاوية من الزوايا عن عين من أعيان هذه الطائفة الكبيرة، المتسعة الأطراف والمنفسحة الأرجاء والواسعة الأجواء.
وأكبر دليل على ذلك: ما تجده في هذه الدائرة الواسعة من تراجم أناس، لا تظن ان يعثر أحد على مثلهم نظرا لعدم شهرتهم، استغفر الله! نظرا لعدم معرفتهم، حتى في بلادهم، التي عاشوا فيها، وتنسموا هواءها، وتربتهم التي اخرجوا منها، وأعيدوا فيها، وهي لا تكاد تعرف من أمرهم شيئا، ولم تخلد على أديمها أسماءهم، فضلا عن ذكر أو اثر لهم...!
وهذا ما يدعو إلى اكبار هذا الرجل العظيم، لا من حيث علميته ومعرفته واطلاعه فحسب... بل من حيث جهده، وتتبعه، وتقصيه المنقطع النظير، ومن حيث اخلاصه لفنه، في زمن قل فيه المخلصون، الذين يعملون لأجل واجبهم لا لشهرة يرجونها من وراء عملهم ولا لجزاء يأملونه، ولا شهادة تصل بهم لأمانيهم الأشعبية،!
ان رجلا يمتاز بهذه الظاهرة وحدها بله ما يمتاز به من ظواهر لا تقع تحت الحصر لرجل خار بعمله العظيم.!
موسوعة في رجل بقلم: الأستاذ امين خضر أجواء دنيا العرب تجاوبت اصداؤها عن النبأ العظيم، عن خسارة المصلح الأكبر، والزعيم الروحاني الأعظم مزيل البدع والضلالات ومحيي الدين، وهادي المجتمع إلى صراط مستقيم، السيد محسن الأمين.
قالوا فيه الكثير والأكثر وعدوا من مناقبه المحمدية ما ظهر منها وما استتر. قالوا إنه البحر المتلاطم بشتى العلوم والفنون. وانه الشخصية الفذة النادرة التي عقمت أجيال عن الاتيان بمثلها. وانه المخرج الناس من الظلمات إلى النور. وانه امام أئمة الدين وانه المجاهد التقدمي المجدد والمجتهد الأكبر صاحب التأليف التي تعد بالعشرات. وانه الرجل الذي لم يخش سلطانا، وان لا وزن عنده الا للحق. وان المصاب فيه لمن الفواجع التي لا عزاء عنها.
قالوا مثل هذا وأبلغ وابعد ولكني أحس في هذه الشخصية الخيرة فوق ما قالوا وأعظم.
قلت اني أحس في هذا المصلح الأكبر فوق ما قاله الناس فيه وأعظم. وحاولت ان اصور لكم هذا الفوق الذي أحس فرأيتني حيال شعاع من مجد الروحية والرجولة يخطف بصري ويستلب لبي. وبياض من وقار المشيب يملك قيادي، وعظمة من العلم الزاخر.
مثلته امامي حيا وميتا لعلي استلهم من تلك الشخصية وآثارها في الحياة الروحية والعلمية والإنسانية ما يحل عقدة من لساني فأستطيع ان أصف لكم الذي أحسست.
سمعت سقاط حديثه الهادئ الندي يعطر به الفضاء، ويكشف به عن أغوار النفس واعماق الحياة وخفي اسرارها ومستلزماتها. فلمسته يسكب نفسه بكلام دافق رصين موثق لا ينقطع مدده يسكبها في أنفس سامعيه، وكنت ذات المرار منهم ثم لا نلبث ان نر أنا كلنا دون استثناء وقد استحالت أنفسنا في نفسه ولا شئ الا العجز عن تصوير ما يستحيل تصويره.
سمعته يرسل كلاما نضيحا مختمرا في جمل موجزة مشرقة دقيقة مرن عليها لطول ما عانى من اختيار الصور الكلامية لما كان يقول ولما كان يكتب ثم يقطع كلامه بفترة من صمت يخال سامعوه انه انقطع تياره فيحبسون أنفاسهم ويمسكون قلوبهم وإذا به يفاجئهم بفقر منتظمة تتحاكى مع عينيه الحاكيتين وعيناه عينا نسر كما تلحظون فتمر هذه الفقر من آذان مستمعيه إلى أذهانهم ثم يروح يزجها بدعاب حلو تخفيفا من وقار الجد وثقله ودفعا لسامة السامعين.
رجعت استلهمه ميتا لأنبئكم بما قلت اني أحسست ب‌ " فوق ما قال الناس فيه. فألقيت جسدا منيرا طاهرا مسجى خشيت ان اهزه فتكون معجزة بان يبعث حيا تلبية لنداءات تعودها طوال حياته كلما استنجد أو استغيث. فتراجعت اطلب روحه لأناجيها فرأيتها في برزخ الأبدية في حضرة قدسية علوية تقول لها: يا أيتها النفس المطمئنة تعالي، فقد رجعت إلى ربك راضية مرضية فادخلي جنتي فألقيت رأسي بين يدي تهيبا وعجزا وقلت ما ذا أنت صانع يا هذا. ان ما خيل إليك انك رأيته في الفقيد هو فوق ما رآه الناس فيه كان فيضا من الحس الباطني وان بين ما يحسه المرء وبين ما يعبر عنه من البعد ما بين البداية واللانهاية.
في سنة 1929 رافقت بعثة أميركية عربية علمية دراسية طافت في انحاء جبل عامل وخيام عرب الفضل وجبل الدروز وبعلبك. قوامها الدكتور د د مدرس اللاهوت في الجامعة الأميركية والبروفسور ريتشرد أستاذ العلوم السياسية والبروفسور سعيد حمادة أستاذ العلوم الاقتصادية واحد أستاذتها السيد رجائي الحسيني. وكان من منهاج البعثة الاجتماع إلى قادة التفكير في تلك البقاع. وفي حضرة الفقيد رضي الله عنه والعالمين الكبيرين الصنوين الشيخين رضا وضاهر ومن لا يعرف هذا اللون الزاهي الوقور من

نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 10  صفحه : 406
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست